Site icon IMLebanon

“حامض”… لفخامة الرئيس

 

 

قد لا تكون مقابلة الرئيس عون المنشورة أمس آخر مقابلات العهد. فجردة “الإنجازات”، أو “الإرث” الذي سيتركه فخامته، يمكنهما انتظار أشهر قليلة لإضافة مفاجآت سارة للبنانيين، مثل عودة متقطعة للمياه المقطوعة في معظم المناطق، وتوفر كميات طحين شحَّت في الأفران، وساعتي كهرباء موعودتين!

 

على أي حال، لا أحدَ ينتظر نهاية العهد ليبدأ في التقييم. فالمكتوب قُرئ من عنوانه الأصلي في 1988، وجرى التثبت من البصمات في كل المراحل وخلال سنوات ست كان يؤمل أن تكون نهاية “درب الصليب”. فحبذا لو التزم فخامته الصمت كونه أستر من كلام غير مفيد بل مستفز للمواطن والمراقب والمتابع لمسيرةِِ لم ينقذها الوصول الى كرسي بعبدا بل زادها حرائق وأضراراً.

 

هي 133 يوماً ستمرُّ “بالحلال أو بالحرام”، ونحن خلالها لا نطلبُ “ردَّ القدَر” بل “اللطفَ فيه”. غير أن الرضوخ للواقع المرير لا يعني عدم احترام ذكاء الناس بتصوير الرئيس نفسَه صاحبَ دور أساسي يتجاوز القدرة على التعطيل وفرض محاصصة تؤمن استمرارية نفوذ جبران باسيل على وزارات ومواقع يمكن استثمارها في الفترة المتبقية من عمر ولايته، أو في فترة الفراغ الرئاسي المحتمل.

 

لم ييأس الرئيس من “الإصلاح والتغيير”، وربما اعتقدَ فعلاً أن تجارب حكومات عهده حققت الكثير، بل مَنعت مصائب أدهى من التي نزلت بالشعب اللبناني. لذلك يريد تتويج “عملية الإنقاذ” بحكومة سياسية فلا يُلدغ مرتين من جُحر تسمية “اختصاصيين” مخلَّعين بينما غريمُه رئيس البرلمان يعيِّن حزبيّين يستطيع من خلالهم تعطيل التحقيق العدلي والضرب على طاولة مجلس الوزراء وزجر جميع الحاضرين.

 

لا أحد يعارض رغبة الرئيس في إتمام التحقيق الجنائي، لكنه يريده فقط للقبض على حرامي “المركزي” وليس ليشمل الحلفاء والأقربين. وكأن رياض سلامة هو السارق الوحيد في جمهورية اللصوص التي أوصلت الاقتصاد الى الإفلاس والمواطنين الى “اشتهاء قضمة من رغيف” والشباب إلى الحلم بتأشيرة تنجّيهم من جحيم البطالة والعوز، بعدما هدَرت ونهبَت وباعت السيادة تارة للوصاية السورية، وطوراً للمحور الإيراني، وتستعد اليوم للتنازل لإسرائيل عن أي خط بحري لضمان ديمومة المنظومة وتمويل ارتكاباتها من جديد.

 

حرٌ الرئيس في ادعاء أنه قوي وغير ضعيف، مع أننا لم نرَ من هذا الجانب إلا انتزاع الحصص بدعم من الحليف الشيعي والاستقتال لتوريث باسيل، فيما القوة الفعلية لمن يتولى منصب رئيس الجمهورية لا تعني أكثر من التزام قسمه الدستوري وفرض احترام القوانين لتصل الحقوق إلى الدولة وجميع المواطنين. أما أن يبوح فخامته بأنه “قرفان”، فهذه وحدها تستدعي أن نهبَّ هبّة رجل واحد لنعصرَ له ما تيسَّر من “الحامض” علَّ نفسه “تكبس” فيستمر في القصر راضياً مرضيّاً في ما تبقى من عمر عهده العظيم.