استوقفني ما قاله فخامة رئيس الجمهورية ميشال عون حين أشار الى أنه أقسم -وحيداً- يمين الاخلاص للدستور والأمة وقوانينها… وشدّد في تعليق له على صفحته الرسمية على موقع “تويتر” على الفصل بين السلطات و”ضرورة تعاونها” بعيداً عن هيمنة أية سلطة على أخرى. هذا القسم الأوّل من قوله:
يقول فخامته إنه أقسم “وحيداً”، لا أعلم هنا ماذا يعني بكلمة “وحيداً” هل المطلوب أن يأخذ معه عائلته وصهره ويذهب لأداء اليمين، أم ماذا يقصد؟ فعلاً توقفت طويلاً عند هذا الكلام ولم أستطع أن أُفسّر كلمة “وحيداً” تفسيراً منطقياً… ثم زاد بقوله: إنه أقسم وحيداً يمين الاخلاص للدستور والأمة وقوانينها.
شيء جميل.. ولكن عندي سؤال لفخامته: هل هو أوّل رئيس جمهورية يقسم هذا القسم؟ أو ان هذا القسم يؤديه كل رئيس جمهورية عند تسلمه مقاليد الحكم؟
كذلك يشدد في موقع صفحته الرسمية عبر “تويتر” على الفصل بين السلطات وتعاونها ويرفض هيمنة سلطة على أخرى.
هنا أظن أنّ التباساً حصل مع فخامته، لأنّ هذا الكلام الذي يقوله اليوم كان من المفروض أن يقوله قبل 5 سنوات وثمانية أشهر، أي في بداية عهده بتاريخ 31 تشرين الأول عام 2016، لا في نهاية العهد. وظني ان هناك من يخدع الرئيس لأنه من غير الممكن أو المعقول أن يقول كلاماً كان يجب أن يقوله منذ 5 سنوات وثمانية أشهر.
أكيد أكيد أكيد هناك شيء غلط… والعلم عند الله.
أما في المقطع الثاني عندما قال: أقسمت وحيداً، يمين الاخلاص لدستور الامة اللبنانية وقوانينها ومن أركان نظامنا الدستوري الفصل بين السلطات وتوازنها وتعاونها من دون هيمنة سلطة على أخرى، وعلى القضاء أن يحقق استقلاله لا أن “يستجديه” ويتحمّل المسؤولية حيث يجب، لا أن يتقاذف هذه المسؤولية أو الارتهان لسلطة أخرى أو استنكافاً للقيام بواجب.
هنا عندي بعض الملاحظات والبراهين: فخامته يقول شيئاً ويفعل شيئاً آخر. وهنا لا أعرف ما إذا كان هذا قصده؟ أم انه أصبح في مرحلة صعبة وحرجة، إذ بدأ يجد صعوبة في التركيز… ونعود الى الملاحظات التالية:
أولاً: لو سألنا فخامته: لماذا عند تشكيل حكومة، يجب أن “يخسر” سنة كاملة لتأليفها؟ وهل هناك سبب، غير أن فخامته لا يهمه عند تشكيل أي حكومة، غير الأخذ في الاعتبار ما تريده وتفرضه “تيريز”؟
ثانياً: هل يمكن لفخامته أن يجيبنا على سؤال بسيط: لماذا يصر صهره العزيز على وزارة الطاقة منذ 12 سنة؟ وكيف تعطلت الحكومات فقط لسبب وحيد هو إرضاء لـ”تيريز” وتنفيذاً لرغبتها؟
ثالثاً: نسأل فخامته لماذا لم يتعاون مع الرئيس سعد الحريري خلال تقديمه عشر تشكيلات أو اثنتي عشرة تشكيلة حكومية خلال سنة؟ كان يرفضها فخامته لأنّ اسم “تيريز” غير موجود فيها… أليست هذه هيمنة سلطة على أخرى؟ وأين فصل السلطات التي يتحدّث عنها؟
رابعاً: يتحدّث عن القضاء، وأظن أنّ آخر شخص يحق له التحدّث عن القضاء هو فخامته… إذ يكفي أنه أوقف التشكيلات القضائية التي أصدرها المجلس الأعلى للقضاء والمدعي العام التمييزي ورئيس التفتيش القضائي 4 أشهر ليدرسها ورفعت بعد ذلك الى وزيرة العدل التي قالت إنها تنتظرها على أحرّ من الجمر لتوقعها وترفعها الى فخامة الرئيس.. وهكذا وصلت الى فخامته بعد خمسة أشهر من الدرس والعمل الجدّي لإخراج تشكيلات يحتاجها القضاء، لكن فخامته أوقفها لأنّ التشكيلات قضت بنقل القاضية غادة عون التي لا تنفّذ أوامر رؤسائها بل تنفذ فقط أوامر “تيريز”.
يا فخامة الرئيس “يللي استحوا ماتوا”.