Site icon IMLebanon

عون “يهدّد” نصرالله… وميقاتي سيُواجه

 

بهدف استيلاد حكومة تُرضي باسيل وتمدّه بنفوذ في السلطة

 

يخوض رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ورئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل معركة وجود سياسية وتحضيرية لما بعد العهد الرئاسي. فمع انتهاء ولاية عون في 31 تشرين الأول المقبل ستتراجع حيثية «العونيين» وباسيل في السلطة ما يستدعي بالنسبة الى الرجلين تعزيز هذا «الوجود السلطوي» تلافياً لخسارات في الحكم وفي السياسة وعلى المستوى الشعبي. لذلك يأتي «تهديد» عون التصاعدي على صعيد الخطوات التي قد يتخذها في حال لم يُنتخب رئيس جديد ضمن المهلة الدستورية ولم يُصر الى تأليف حكومة، للضغط على رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي لكي يسحب منه تنازلات حكومية وتعزيز موقع باسيل في الحكومة المرتقبة وسيطرته عليها، إذ إنّ هذه الحكومة في حال أُلّفت قد تشكّل عاملاً إضافياً في تأخير الاستحقاق الرئاسي، ما يُعطي هذا الفريق السياسي مزيداً من الوقت لمحاولة الإتيان برئيس «يناسبه»، فضلاً عن أنّ هذه الحيثية الوزارية تساعد باسيل في مرحلة ما بعد العهد وحكومات العهد الجديد.

 

إنطلاقاً من ذلك، تعتبر جهات سياسية أنّ تهديد عون المتواصل باتخاذ إجراءات وخطوات في حال حلّ الشغور الرئاسي في ظلّ حكومة تصريف الأعمال الحالية، ليس إلّا مجرّد «تهويل» للضغط على حليفه «حزب الله» وميقاتي، لاستيلاد حكومة ترضي باسيل وتمدّه بوجود ونفوذ في السلطة، إذ إنّ عون يعلم، كما تقول مصادر سياسية، أنّ هذه المرحلة السياسية، داخلياً وإقليمياً وخارجياً، تختلف عن مرحلة أواخر الثمانينات من القرن الماضي، ولا يُمكنه تكرار التجربة نفسها، لا لجهة البقاء في القصر ولا لجهة اتخاذ أي قرار غير دستوري، إذ إنّ هذا الفعل سيجرّ البلد الى فوضى دستورية وسياسية وحتى أمنية، لا يعلم أحد الى أين تصل وكيف تنتهي، فيما أنّ المجتمع الدولي لا يرغب في حصول هذه الفوضى أو خلق أي توترات تنقل لبنان الى وضع مختلف سيُترجم تغييراً في النظام وتركيبة البلد عـ»السخن» وينعكس على محيطه ويستدعي «انغماساً» خارجياً. فحتى الآن لا يزال القرار الدولي الحفاظ على الاستقرار في لبنان بالحد الأدنى، أقلّه الى حين تبلور الاتفاقات والمفاوضات والحوارات الدولية والإقليمية التي تؤثر على وضع البلد، لا سيما منها المفاوضات حول الاتفاق النووي مع طهران والحوار الإيراني – السعودي.

 

لذلك يتمسّك عون بإضافة 6 وزراء دولة سياسيين الى حكومة تصريف الأعمال لكي يُوقع التشكيلة الوزارية ويُصدر مرسوم تأليفها ويغادر القصر الجمهوري بـ»سلام».

 

في المقابل لا يريد أي من رئيس مجلس النواب نبيه بري أو ميقاتي إعطاء عون هذه الورقة، وبالتالي بات إطار التأليف محصوراً بهذه المعادلة، ما دفع كلّاً من رئيس الجمهورية ورئيس «التيار» الى «التلويح» بإجراءات وخطوات في حال لم يتحقق لهما ما يطمحان إليه، فبعد أن أعلن باسيل أنّه سيعتبر حكومة تصريف الأعمال «مغتصبة سلطة» بعد 31 تشرين الأول إذا شغرت سدة الرئاسة الأولى، بدأ عون يهدّد بالمثل تصاعدياً الى أن وصل الى اعتبار أنّ استمرار هذه الحكومة «مؤامرة»، ملوحاً بأنّه في حال لم تؤلّف الحكومة التي يسعى إليها ستكون خطواته مفتوحة. رسائل عون وباسيل هذه موجهة أولاً الى «حزب الله»، بحسب ما ترى جهات سياسية عدة، فالرئيس يرمي الكرة في ملعب الأمين العام لـ»حزب الله» السيد حسن نصرالله بطريقة أو بأخرى، ويتوجّه إليه بالقول: أنت كلفت ميقاتي بلا شروط، وحليفك بري يضغط عليه، فـ»اعمُل شِغلك»، وفي حال لم تقُم باللازم سألجأ الى أي خطوة أعتبر أنّها دستورية»، مع الأخذ في الاعتبار أنّ «الحزب» يبدو أنّه غير مستعد لخطوات عون هذه، إذ لا مصلحة له في المرحلة المقبلة بهز الاستقرار الذي قد يؤدّي الى «تفلُّت» الوضع بشكل لا يُمكن ضبطه، في وقتٍ يركز «الحزب» على إنهاء ملف الترسيم البحري ويلتزم سياسة إيران التي لا يبدو أنّها بدورها تريد أي تغيير أساسي في لبنان حالياً قبل أن تنهي مفاوضاتها الدولية والإقليمية.

 

وفي انتظار قرار «حزب الله» لجهة التعامل مع هذه الاستحقاقات، يحاول عون الضغط على ميقاتي وتحميله مسؤولية ما ستؤول إليه الأوضاع في حال الشغور الرئاسي بلا تأليف حكومة جديدة. ومن السيناريوات المطروحة سحب الوزراء المسيحيين من حكومة تصريف الأعمال في تلك اللحظة أو حتى سحب الثلث زائداً واحداً أو عدد أكبر من الوزراء في حال قرّر أفرقاء من قوى الثامن من آذار دعم عون في خطوته هذه. كلّ السيناريوات المطروحة أو «المُفترضة» للخطوات التي قد يتخذها عون لا يتجاهلها رئيس حكومة تصريف الأعمال، بل «لديه تصوّره في حال حصل الشغور»، علماً أنّه يرفض «الحكم على أنفسنا بالفراغ»، ويتمنى تأليف حكومة جديدة. لكن في حال حلّ الشغور الرئاسي وتسلّمت حكومة تصريف الأعمال مسؤوليات رئيس الجمهورية فـ»عندها لكلّ حادثٍ حديث». ويتمسّك ميقاتي بالتزام النص الدستوري ويتحصّن بآراء الدستوريين التي تُجمع على أنّ حكومته يمكنها استلام مهمات رئيس الجمهورية. أمّا إذا كان هناك من يرغب في التعطيل أو سحب وزراء من الحكومة، فـ»هذا رهن لحظته»، بحسب قريبين من ميقاتي. ويشير هؤلاء الى أنّ ميقاتي يتمتّع بالحكمة والدراية لتسيير الأمور بأفضل الممكن في لحظتها. كذلك يتحصّن ميقاتي بدعم المجتمع الدولي وستكون لديه «خطة مواجهة» لأي خطوة قد يتخذها عون، حتى لو لم يعلنها، فهو لا يزال يعوّل على أن لا يتحقّق هذا السيناريو وعلى إمكانية إنجاز الاستحقاقين الرئاسي والحكومي.