Site icon IMLebanon

طبيعي وغير طبيعي

 

نقل الزميل نقولا ناصيف عن الرئيس عون قوله: «أغادر القصر إذا كان يوماً طبيعياً».

 

طبعاً لم يقصد الرئيس عون أحوال الطقس التي يمكن أن تكون ماطرة وعاصفة يوم 31 تشرين الأول وهو أمر طبيعي في ذلك الوقت، أما إذا كانت الشمس مشرقة والحرارة مرتفعة فقد يكون يوماً غير طبيعي.

 

في أحوال الطقس يمكن تحديد الطبيعي من غير الطبيعي ولكن في أحوال السياسة كيف لشخص أن يحدّد ما هو طبيعي وما هو غير طبيعي، فما قد يكون طبيعياً بالنسبة إلى الرئيس عون قد يكون غير طبيعي بالنسبة إلى مسؤولين آخرين وشرائح كبرى من الشعب اللبناني، وما قد يكون غير طبيعي بالنسبة إلى الرئيس عون قد يكون طبيعياً بالنسبة إلى غيره.

 

في المنطق وفي الدستور الطبيعي هو أن يتم انتخاب رئيس جديد للجمهورية في المهلة الدستورية أي قبل 31 تشرين الأول المقبل، فعدم انتخاب رئيس للجمهورية ضمن هذه المهلة هو أمر غير طبيعي.

 

ومن الطبيعي أيضاً أن رئيس الجمهورية عندما تنتهي ولايته عليه أن يغادر القصر الجمهوري من دون أي تردّد أو أي نقاش، ومن غير الطبيعي أن يبقى دقيقة واحدة في القصر خارج ولايته الدستورية، فليس هناك أي نص دستوري يجيز ذلك، أَأَعجبنا الأمر أم لم يعجبنا، وكل تصرّف آخر يأتي في سياق خرق الدستور والقوانين والتمرّد.

 

ومن الطبيعي أيضاً أن تكون في البلاد حكومة فاعلة تناط بها هي صلاحيات رئاسة الجمهورية في حال الشغور في سدّة الرئاسة الأولى، ومن غير الطبيعي الاستمرار في حكومة تصريف للأعمال تثار حولها الشكوك لجهة مشروعية إناطة صلاحيات الرئاسة الأولى بها، ولكنّ استمرار حكومة تصريف الأعمال ليس مبرّراً لبقاء الرئيس في بعبدا بعد انتهاء ولايته فماذا سيفعل هناك وهو مجرّد من أي صلاحيات أو مهام ولم يعد ذا صفة في حين أن الحكومة تبقى على الأقل حكومة لتصريف الأعمال تعمل كما كانت تعمل بوجود رئيس للبلاد، فصلاحية تصريف الأعمال لا تسقط مع انتهاء عهد رئاسي بل تبقى مستمرة حتى تشكيل حكومة أخرى.

 

ما ليس طبيعياً في هذا البلد أن أرباب المروّجين للشغور الرئاسي على مدى سنتين ونصف السنة كممارسة ديمقراطية، أصبحوا الآن من أرباب رفض الشغور وضرورة انتخاب رئيس بأسرع وقت، ومن غير الطبيعي أن يتحجّج هؤلاء بالوضع الإقتصادي السيّئ لرفض الشغور ولا يعترفون بمسؤولية فراغهم وممارساتهم في السلطة في الإنهيار الحالي.

 

أكثر ما هو طبيعي أن يتنحّى هؤلاء عن السلطة بشكل كامل على المستوى الرئاسي والوزاري وأن يتركوا دفّة السفينة هذه المرة لغيرهم فربما نصل إلى برّ الأمان.