لم يحسم المؤرخون أبوة العبارة المتداولة منذ نهايات القرن الثامن عشر Après nous, le déluge أي «من بعدنا الطوفان» (بصيغة المثنى أو الجمع)، هل هي من بنات أفكار عالم الرياضيات والفلك السيد بيار لويس مورو دو موبرتيوس؟ أو من صبيان أفكار المركيزة دو بومبادور، واسمها جين أنطوانيت بواسون. مواليد باريس 1721 الوظيفة: خليلة لويس الخامس عشر لتسعة أعوام. مديرة مكتبه بلغة اليوم. وثمة رواية تشي أن الملك نفسه صاحب هذه المأثورة.
قيل أن السيدة الماركيزة الأرستقراطية المثقفة أرادت من تلك العبارة رفع معنويات العاهل الفرنسي بعد معركة روسباخ ( 1757 ) حيث هزم فريدريك العظيم جيش الحلفاء.
وقيل أيضاً أن لويس الخامس عشر ردد المقولة هذه كي يسخر من عدم أهلية ابنه وولي عهده لويس السادس عشر متى غاب هو عن المسرح السياسي. أنانياً كان عشيق المركيزة. أما خليفته فقد انتهت حياته تحت المقصلة.
وتجزم بعض المصادر أن تلك العبارة عُرِفت وانتشرت بعد الثورة الفرنسية في العام 1789 التي سبقت ثورة الجنرال عون اللبنانية بـ 200 سنة…إندثرت (العبارة) في فرنسا ومستمرّة في لبنان ما دام في الجنرال باسيل عرقٌ ينبض.
العام 1990 انتهت ولاية عون غير المحددة بسقف زمني كرّسها للقضاء على الدويلات وإنجاز التحرير.إنتهى التحرير، بتوسعة الإحتلال السوري وفرض زواج عرفي بين الدولة والدويلة. بعد عون طوفان. لم تفرق معه إلاّ صورته كبطل لم يتمكن العالم من سحقه. هرب في اللحظة المناسبة.
وها هو الآن السيد الجنرال ينهي الولاية على أسوأ ما يكون مانعاً تعويم حكومة الرئيس نجيب ميقاتي، ومانعاً تعديلها وموافقاً فقط على تفخيخها ولسان حاله «بعد ما فلّ عمرها ما تكون حكومة». وهو صاحب شعار» لعيون صهر الجنرال ما تتشكل حكومة» الذي أطلقه في العام 2009. بعد الجنرال وصهره فليكن الطوفان. أي معنى لحياتنا من دون وجودهما؟ أي معنى لحلم لا يشيخ؟
في فرنسا إستعملت المركيزة الراحلة «بعدنا» الطوفان. في لبنان قبل الجنرال ومع الجنرال وبعد الجنرال الطوفان. في الأمس عاقب رب السماوات والأرض اللبنانيين بطوفان من قريبو. كأن سبحانه عزّ وجلّ شاء تذكيرنا بأن طريق جهنم محفوفة بالكوارث وبأحابيل ولي العهد وبأن الآتي أعظم وأشد إيلاماً.
لن يغادر فخامة الجنرال قصر بعبدا وهو في سن السابعة والثمانين، قبل أن يتأكد، بالملموس وبالحسيّ،أن نجيب عزمي ميقاتي ونبيه مصطفى بري لن يريا يوماً متل الخلق من بعده. ولكما من بعده طول الشقاء.