يكثر رئيس الجمهورية من مقابلاته الصحافية مع وسائل إعلام غربية، فلا يكاد يمر أسبوع من دون أن نحظى، كلبنانيين، بمقابلة مدهشة مفعمة بالأمل وسط هذه القتامة، وملأى بكلام يحاكي العقل البشري الذي في طور النمو السياسي ويشارف على الإكتمال.
“الطبقة السياسية في لبنان تحمي الفاسدين لأنها تستفيد من ذلك بطريقة مباشرة” قال الرئيس للمجلة الفرنسية الواسعة الإنتشار. فممن تتألف هذه الطبقة؟ سؤال يطرح؟
أمن تيار “المستقبل” و”العزم” و”المردة” و”الإنتماء اللبناني” و”التوحيد” و”الكرامة” ومن كل من ليس تياراً وطنياً حرّاً؟
من أحزاب “القوات اللبنانية ” و”التقدمي الإشتراكي” و “أمل” و”الكتائب” ومن ليس من ضمن “تكتل لبنان القوي” الذي خسر جهود 4 من نوابه حتى الآن؟
من أحزاب البعث السوري و”القومي السوري الإجتماعي” وطوارئ “المرابطون” و”حزب الله” لا سمح الله؟
من المستقلين والخارجين عن فلك الرئيس وظلّه؟ لمرة واحدة أطفئ يا صاحب الفخامة ظمأ اللبنانيين وتوقهم إلى التعرّف على هذه الطبقة وتحديد طبيعتها الهلامية؟ من هي هذه الطبقة وعلى أي طبقة تشتم؟
ودافع عون، كما في كل مقابلاته عن حليفه “حزب الله”، بطريقة رائعة مؤكّداً أنّه “ليس الوحيد الذي شارك في الحرب في سوريا التي شاركت فيها أيضاً دولٌ عدّة” بما يعني أن “حزب الله” دولة مثل باقي الدول ويتناغم ذلك مع مقولة المرشد الأعلى للجمهورية أن من حق “حزب الله” أن يتدخل في أي مكان فما هو مباح للأميركان مباح له. ونفى عون اتهام مناصري الحزب بالإعتداء على المتظاهرين. إن لم يرهم صاحب الفخامة فذلك لا يعني أنهم لم يعتدوا. فصورة حامل العصا على ضابط في قوى الأمن وصور مواجهات الخندق الغميق وحرق الخيم في وسط بيروت يجب أن تكبّر على اللوحات الإعلانية على طريق القصر فقد يراها الرئيس آنذاك. وهو في أي حال يرى ما يريد، ويختار من المعارك ما يريد، وعادة يختار أقساها، من الفساد وجر، بقي له سنتان وربع السنة ليقضي على الفساد من أساسه والخطوة الأولى المتأخرة “التحقيق الجنائي”.
ويبدو أن هذا التحقيق صار بالنسبة إلى الرئيس ميشال عون ما كأنه “وسيط الجمهورية” بالنسبة إلى الرئيس إميل لحود، عبارة أثيرية تلامس وجدان الناس وتطرب أسماعهم. لكن أهم جواب لعون في تلك المقابلة الطازجة أنه ليس بنادم “على تولي رئاسة الجمهوريّة في هذه المرحلة الصعبة”، وأنتم من انتخب عون بعد فراغ في سدة الرئاسة، وابتزاز موصوف، أنادمون على توليته أو ماذا؟ السؤال الأخير ليس من مجلة “باري ماتش” لكنه من صديق.