IMLebanon

عن ميشال عون المستاء من المنظومة

 

 

يسدي الرئيس السابق ميشال عون، النصائح للمنظومة بأن تستقيل، ويذهب إلى الادّعاء بأنّه لو كان مكانها لغادر الموقع بكل كرامة. وبالفعل فإنّ نصيحة عون للمنظومة، يمكن أن نقايضها بجمل. فالرجل الذي أفنى منذ العام 2008 وإلى اليوم، العمر في «المعارضة الشرسة» وهو يشارك بالحكومات ويغنم المغانم، يستحق أن يُسدي النصائح لمنظومة الحكم، الذي لم يجلس عون على أي من مقاعده، منذ نعومة أظافره في قصر بعبدا في العام 1988، وصولاً إلى عهده القوي من قصر بعبدا في العام 2016 ، وهو عهد لا يمكن للتاريخ إلا أن يشبهه بـ»سفربرلك».

 

ينصح عون رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي نصائح من رجل يراقب الكوكب من المريخ. قبل بري وميقاتي، كان عون يواجه رئيس الحكومة السابق سعد الحريري، واستمر يواجهه، إلى أن عقد معه اتفاق شهر عسل، وحكماً مستداماً، وكيمياء وتقاسماً وتظبيطاً، وسلوكاً نادراً في إدارة عمل المنظومة، في تقاسمها للبواخر والأرباح والمغانم، وفي تقسيمها للإدارة، تحت يافطة الميثاقية.

 

وهكذا تأمّنت حقوق المسيحيين، بانهيار الدولة، وتحكم السلاح بقرارها، وبحماية تحالف السلاح والفساد، الذي أدى فيه عون قسطه للعلى، منذ العام 2005 وإلى اليوم، اذ دخل طائعاً مختاراً وشغوفاً، في معادلة تبادلية مع «حزب الله»، مفادها تسليم «الحزب» الجمهورية، وفي المقابل تسلم رئاسة الجمهورية والحصص في الحكومة والإدارة. من المفارقات أن عون ينصح المنظومة بالرحيل، فيما كان عهده عبارة عن منظومة مؤمّنة الحماية من السلاح. كان الأحرى به أن يتذكّر أنّ عهده لم يسقط، لأنّ إصبعاً مسلحاً بالدراجات النارية، ارتفع بوجه ثورة 17 تشرين، وبأنّ المنظومة كانت درع عهده، وبأن لولاها، لطبقت عليه بقوة الناس المعترضة في الشارع، نصيحة الاستقالة.

 

لا يحيد عون عن نصح الآخرين بما يفترض أن يتم نصحه به. يبادر حيث لا يجرؤ الآخرون، إلى ارتكاب سياسة الإنكار ودفن الرأس في الرمال، والتذاكي على المستمعين والمشاهدين. كأنّه بذلك يعتقد أنّ كلامه منزل، أو أنه يشعر أنّ منسوب الصدق الهزيل في ما يقول، كاف لقلب الحقائق، بعد استلهام نظرية غوبلز. لقد سمع اللبنانيون من عون ذمّاً بالمنظومة، فلا اهتم لكونه أحد أركانها، ولا اهتم لكونه أحد الشركاء المستفيدين منها حتى الثمالة، بل لبس ثوب العفاف، معتقداً أنّه بهذا الثوب قادر على إلغاء الذاكرة القريبة، التي توجّه له إصبع الاتهام، لكونه سلك في العام 2005 مسار هدم الدولة، وتسليمها إلى مشروع إيران لقاء حصة ونفوذ هو أبعد عن شعاراته المنمقة والخاوية من الصدق. بعدما توّج عون مساره الهدّام، ظهر بالأمس على اللبنانيين، بملائكية مصطنعة، وبلغة رسولية لا تستقيم، مع نهج «الأنا أو لا أحد» و»صهري أو لا أحد».

 

من قام بما قام به عون، على الأقل منذ العام 2005 وإلى اليوم، لا يجرؤ على الجلوس على منصة يحكم فيها على الآخرين. لكن عون بتلبسه مهمة الرسل والأنبياء يجرؤ، وهو يتناسى عمداً أن قفص اتهام يبقى محجوزاً بشكل دائم، لمن باع الأمانة والوزنات، مقابل الهزيل من الأثمان.