IMLebanon

من عجائب ورثة حكم ميشال عون

 

 

الرئيس ميقاتي قريبًا يكون قد قضى في رئاسة الوزراء بتكليف برلماني ومن بعد بحكم الظروف التي حالت دون حيازة الحكومة ثقة المجلس الجديد على المستوى المطلوب.

 

ولا شك ان الرئيس المكلف لا يترك فرصة لاطلاع الرأي العام العالمي على حاجة لبنان الملحة للاستقرار. فهو زار مع عائلته البابا في روما، وها هو يشارك في جلسات هيئة الامم ويعبر عن تمنيات وكل ما يظهر من نيته على تحقيق اصلاحات استعماله طائرته الخاصة للانتقال براحة واستقلالية عن الاحراج من رحلات عادية تزخر باللبنانيين المهاجرين الى مختلف بقاع العالم، وهو كان سابقًا يقول ان لدى حكومته برنامج اصلاحي وكل ما لديهم ورقة تفاهم صيغت ما بين كبار موظفي صندوق النقد الدولي وكبير ممثليهم في الحكومة اللبنانية حضرة نائب رئيس مجلس الوزراء الذي اتحفنا بمقال في النهار كان بامكان اي تلميذ اقتصاد حائز على الماجستير صياغته.

 

حاليًا تفاجئنا بتصريح لرئيس الوزراء يدعو فيه الى تطبيق اصلاحات مقترحة من فريقه، وهي في الواقع مقترحة من نائب رئيس مجلس الوزراء الذي حتى تاريخه لا يدرك اسباب ازدهار لبنان حتى خلال اوقات كانت فيها الاوضاع الامنية مهتزة والانفعالات بين مختلف الفرقاء تؤدي الى اشتباكات في مناطق معينة كما كان الخوف من ان يتأتى عن حادثة انحراف شاحنة الاسلحة في الكحالة منذ اسابيع، ولا حاجة للتذكير بان الكحالة شهدت عام 1969 حادثة مؤلمة تسببت في وفاة عدد من المسلحين الفلسطينيين واعتكاف الرئيس رشيد كرامي حتى انجاز اتفاق القاهرة بنهاية 1969 الذي انهى مفاعيل اتفاقية الهدنة مع اسرائيل وتسبب في ما بعد الى تولية سوريا مهمة الفصل بين مقاتلي الجبهة اللبنانية ومقاتلي مختلف الفرقاء الفلسطينية واستمر الدور السوري منذ عام 1975 وحتى بداية صيف 2005 بعد اغتيال الرئيس رفيق الحريري حين انسحب الجيش السوري ورجال المخابرات السورية من لبنان بتاريخ 25 نيسان 2005.

 

اليوم يصرح رئيس الوزراء، بعد رفع معاشات الموظفين 4 اضعاف وبعد استقالة 20 الف موظف حكومي وحصولهم على تعويضاتهم التي مكنتهم من الهجرة مع الاحتفاظ ببعض المال النقدي، ذلك ان مصير الودائع حتى تاريخه غير معروف ولا محسوم، ودراسة ما يسمى باعادة هيكلة القطاع المصرفي لم يتحقق منها شيء سواء على صعيد الحكم او جمعية المصارف وشهرًا بعد شهر تتآكل السحوبات رصيد الودائع الذي خسر ما بين 2018 و2022 اكثر من 30% من مجموع الودائع واذا استمر الحال على هذا المنوال قد لا يتبقى ودائع مع نهاية عهد طاقم مصرف لبنان الحالي.

 

رئيس الوزراء في تصريحه في نيويورك طالب المجتمع الدولي والفرقاء السياسيين في لبنان السير ببرنامج الحكومة، الذي لا يتجاوز عدد من الاصلاحات في هيئات الاشراف على اعمال ومشاريع الدولة واقرار الكابيتال كونترول الذي يدعو اليه نائب رئيس مجلس الوزراء الموظف اساسًا في صندوق النقد الدولي. وحسب الاقتصادي المعروف الذي قضى 18 عامًا يعمل مع الصندوق على مستوى مسؤوليات مهمة ويرأس جمعية الاقتصاديين في لبنان، الدكتور منير راشد، اقرار قانون الكابيتال كونترول يستوجب ابعاد من ينادي به من الحكم، وما يزيد هذا الموقف اهمية ان لبنان لن يستقبل استثمارات مهمة بعد اقرار هكذا قانون يدعو اليه وزراء يعتمدون رأي الصندوق قبل الاحتكام الى المنطق والمعارف الاقتصادية والادارية.

 

رئيس الوزراء يدعو الى اعتماد الاصلاحات المقترحة من صندوق النقد الدولي مقابل اقراض 4.3 مليار دولار تتوافر على مدى 4 سنوات وهكذا قرض لن يسهم في دفع الاقتصاد اللبناني، وسوف يحمل هجرة اللبنانيين في 3 سنوات اموالاً ورصيد تصفية عقارات تتجاوز قيمة القرض. فنكون قد كبلنا ايدينا في محاولة معالجة الازمة المستحكمة بالاقتصاد اللبناني وآمال اللبنانيين.

 

ربما لهذا السبب اشار الرئيس ميقاتي الى ان لبنان قد يستقطب ال11.2 مليار دولار المساعدات التي استطاع الرئيس سعد الحريري الحصول عليها من الهيئات الدولية التي من بينها البنك الدولي، والبنك الاوروبي للإنماء، ومساهمات من السعودية والكويت والسويد والولايات المتحدة، وبريطانيا وفرنسا، وكان الرئيس سعد الحريري قد بذل جهودًا مضنية لتامين هذه الالتزامات وذلك لسنوات عديدة، وقد تقدم باقتراحاته لمجلس الوزراء فجرى رفضها من قبل الرئيس ميشال عون الذي صرح على التلفزيون انه لا ثقة له بسعد الحريري فهل يا ترى يعتبر الرئيس ميقاتي ان ميشال عون يتفهم حاجات لبنان اكثر من سعد الحريري، الشاب المتمتع باخلاق رفيعة وقدرة على استقطاب الحماس للإعمار والانشاء وتحسين الادارة. هل يدرك وزراء تلك الوزارة التي استقال منها بعد كلام رئيس الجمهورية المسيء لسمعته والمشكك في نجاحه الخطيئة التي ارتكبوها؟ لا نظن ذلك والامر المحير ان يدعو نجيب ميقاتي الى تنفيذ برنامج سعد الحريري وقد انتظر ل3 سنوات قبل الاقرار بانه اخطأ بتقبل انتقادات الرئيس ميشال عون لسعد الحريري دون مناقشة في مجلس الوزراء او مجلس النواب.

 

الامر الاكيد حاليًا ان سعد الحريري يتمتع بشعبية وثقة تفوق اي ثقة حظي بها ميشال عون، والواقع ان مقربين منه سابقًا لهم آراء قاسية في قدراته على معالجة الشأن العام والتصدي للشؤون المالية والاقتصادية. وهو استفاد من فرص توافرت لديه للعيش على نفقة اللبنانيين والفرنسيين. فليس هنالك لبناني يستذكر ان احد النواب الفرنسيين وجه سؤالاً لرئيس وزراء فرنسا حول اكلاف اقامة ميشال عون في فرنسا ما بين نهاية 1990 وبداية صيف 2005، فكان جواب رئيس وزراء فرنسا ان احتساب اكلاف استقبال ميشال عون وتامين المسكن اللائق والحراسة الامنية والاتصالات الهاتفية ما يوازي 15 مليون يورو اي مليون يورو كل عام.

 

اذا اجرينا مقارنة ما بين منافع واكلاف ميشال عون على لبنان، ومنافع واكلاف سعد الحريري سنجد الفرق شاسعًا لصالح الحريري، والواقع بعد مراجعة التطورات اللبنانية منذ تولج الرئيس سعد الحريري الحكم عام 1992 وحتى اغتياله في 14 شباط 2005 تكون النتيجة ان رفيق الحريري اسهم في انهاض لبنان من كبوته وان سعد الحريري حافظ على منهجية والده واسهم في المحافظة على علاقات دولية بالغة الاهمية وهو انفق بالتأكيد خلال تولجه النيابة ورئاسة الوزراء اكثر مما توافر لميشال عون من منافع خلال ال17 عامًا بعد رجوعه الى لبنان ولا شك ان اللبنانيين يذكرون ان الازدحام الذي واجه عودة ميشال عون كان كثيفًا والى حد جعله يقف على درج الطائرة ويقول اذا لم يهدأ المهتفون انا راجع الى فرنسا، وليته فعل لكان لبنان في حال افضل بكثير من الوضع الذي اوصلنا اليه عهد ميشال عون وجبران باسيل.