IMLebanon

ماذا يفعل الرئيس؟

 

لم يعد صالحاً سؤال ما الذي سيفعله الرئيس عون في هزيع ثلث ولايته الأخير، بل صار السؤال عن كيفية تقليص الأضرار التي يسببها بقاؤه راتعاً في الكرسي الرئاسي إن لم يقتنص فرصة تشكيل الحكومة ليعود الى الصراط الديموقراطي والوطني المستقيم.

 

قصة طموح الضابط ميشال عون للرئاسة ووسائله للوصول إليها قُتلت بحثاً ومعروفة من الجميع. ولئلا نقول انها كَلَّفت لبنان وخصوصاً المسيحيين الأنفس والنفيس، فلنعتبرها إشكاليةً، ولنرمِ على ذمة التاريخ الواسعة حِمل تقييمها بمعايير المؤرخين المحترفين والمحترمين.

 

لِنقُل إننا صَفَّرنا العدَّاد ليبدأ في 31/10/2016 حين “وصلت الفَرحة الى القَرعة” وأقسم إبن حارة حريك في برلمان نبيه بري على احترام الدستور باثاً الأمل لدى مبغضيه قبل حُبور محبيه. فماذا فعل الرئيس؟

 

بين ان يكون “بي الكل” أو سيد “العهد القوي” ضاع الرئيس. فلا هو استطاع أن يكون نقطة الوصل والفصل والحَكَم النزيه، ولا تَمكن من فرض وجوده في المعادلة بقوة الحاكم الذي يُهاب لتجرده وسداد موقفه. وفي الواقع فإن الشعارين كانا يصلحان سوياً، أو أحدهما، لو انطبقت شخصيته على مواصفات الأول، أو أدرك بداهةَ أن حدود “قوة العهد” ميزانُ القوى المحلي، وشرطها استخدام الدعم الشعبي والنيابي والوزاري للصالح العام وليس لتسهيل جشع “بطانة السوء” بمفعول رجعي وتمهيد الطريق للوريث ولو عبر تعطيل المؤسسات او توسيط بشار الأسد لتوزيره (حسب مذكرات ايلي الفرزلي صديقه ومنظِّرِ ترئيسه، والتي لم يصدر لها أي تكذيب).

 

لا فائدة من جردة جوابُها “ما خلُّونا”، علماً بأن ذريعة العرقلة وغياب الصلاحيات سقطت حين تولى حسان دياب حكومة “عون- “حزب الله”، فلا استطاع اعادة نازح سوري ولا استعادة مال منهوب ولا تحرير ودائع ولا الاتفاق مع “صندوق النقد” ولا إطالة “كذبة”غرْف مليارات الصين. وصارت بعبدا والسراي مرذولتين من الشعب ومعزولتين إلا عن علي عبدالكريم وجلال فيروزنيا.

 

على اي حال، ليست “ما خلونا” شيئاً يُذكر امام “نعَم كنتُ أعلم”. فورقة التحذير من 2700 طن من الأمونيوم وضعت على طاولة الرئيس قبل 13 يوماً من التفجير. ماذا فعل الجنرال الرئيس؟ أحالها الى “مرجع مختص” لم نعرف وقد لا نعرف هويته وهل استدعي الى التحقيق.

 

لا افتئاتَ على شخص الرئيس إن صارحناه بأنه لم يعد صاحب دور ولا تأثير، وليست “ثورة 17 تشرين” وحدها من طالبَ برحيله نازعة الهالة عن الرئاسة وفاضحة ارتكابات “المنظومة”، بل بات حلفاؤه قبل خصومه يتحدثون عن “مشكلة اسمها ميشال عون” وكيف ان بقاءه في المركز يسهم في زيادة جنوح السفينة بدل ان تكون مهمة الرئاسة قيادتها الى الأمان.

 

كان يمكن لرئاسة عون ان تكون مجدية لو حقق في عهده انجازاً يتيماً، فاستغل ثقة “حزب الله” لانجاز “استراتيجية دفاع” تستعيد سيادة الدولة تدريجاً، لكنه تماهى مع المحور الايراني، فخسر فرصة تَصدُّر المشهد الوطني والدولتي فيما تحوَّل غطاؤه للحزب ثوباً يحتاج الى تطويل وترقيع… وبمعايير التركيبة اللبنانية، لم يعد عون يمثل ضمير المسيحيين الذي يتولى البطريرك الراعي التعبير عنه بعزيمة لا تلين، وصار مخيباً لطموح كل القانعين بقيام دولة عادية تحمي حدودها وقاطنيها، بل شريكاً في المسؤولية عن تفجير بيروت بقنبلة الاجرام والتواطؤ والاهمال والتقاعس عن القيام بالواجب.

 

دور الرئاسة جوهري للمسيحيين ولكل اللبنانيين، والحاجة ماسة إليه في زمن الانهيار ووقوع لبنان بين ناري الخيارات الاقليمية. فهل يتمرّد الرئيس على آسريه في السنتين المتبقيتين أم يفشل في استعادة “مُلك مُضاع” ويضيِّعُ وقت اللبنانيين في وقت عصيب؟