Site icon IMLebanon

ألا يكفي أربع سنوات؟

 

لا ندري بأي طريقة يتذكر الرئيس عون لحظة انتخابه قبل أربع سنوات. وإذا استثنينا كلام أتباعه المضحك عن وجوب ان نحمد الله على نعمة وصوله الى سدة الرئاسة وحصول الانهيار في عهده الميمون، فلا بدَّ لنا من دعوته الى نظرة تأمل هادئة واستعادة شريط أحداث جسام وفرص ثمينة ضائعة حفرت في الجسد اللبناني وعبَرت بلا حساب، وسنكون حتماً أمام مفاجأة شنيعة لو اعتقد انه لم يخطئ مستنداً الى لازمة “ما خلُّونا” ونظرية “ما عندي صلاحيات”.

 

لم يسبق ان تدهور وضع البلاد، منذ أنهى اتفاق الطائف الحرب، بالقدر الذي تدهور فيه زمن “العهد القوي”. فالرؤساء الذين حلّوا في بعبدا، على اختلاف تقديرهم وقدراتهم، تمكنوا من المساهمة في ادارة الأزمات بطريقة لم تؤد الى إفلاس الدولة ولا الى تطيير ودائع المواطنين ولا الى فقدان الأدوية من الصيدليات ولا الى انفجار شبه نووي دمَّر نصف بيروت ولا نزال ننتظر “تحقيق الخمسة أيام” لنعرف المجرم الذي خطف أرواح الناس. واليوم، لا يعني اللبناني، الذي لا يجد ما يسد رمقه وحاجاته، أن يتذكر الرئيس عون عودته من باريس رافعاً شارة النصر أو يتغنى بحصده أكبر كتلة نيابية وبـ”تفاهم مار مخايل الذي أمَّن الاستقرار”! وصولاً الى تسلمه الرئاسة وتمتع تياره بالوزارات والمناقصات.

 

كان انتخاب الرئيس عون في 2016، بعد تعطيل طويل، خياراً يحتمل الخطأ والصواب، لكن ممارسات العهد العوني الذي أسلم القيادة للصهر، جعلت مَن كان يأمل خيراً بسلوك جديد يتأتى عن احتلال الموقع – الحلم يضرب أخماساً بأسداس ويتلو أفعال الندامة مرفقة بتوزيع الكفَّارات.

 

لم ينتبه الرئيس عون الى ان الوصول الى كرسي الرئاسة ليس نهاية المطاف بل بداية المسار. وإذ أنه أتى بفضل بندقية “حزب الله”، أخطأ بالتصرف من موقع الأسير وليس الشريك، فأغفل أهم انجاز كان يمكنه إعطاء رئاسته شرعية وطنية شاملة، وهو إقرار “استراتيجية دفاع” بلا لف ودوران، بدل ان يُترك له فتات “الترسيم” في هزيع ثلث عهده الأخير.

 

يصعب على الرئيس عون ان يحقق في السنتين المقبلتين ما لم يحققه في السنوات الأربع العجاف. فالرئاسة التي تفتخر اليوم بالشراكة في اعادة إنتاج حكومة محاصصة مقيتة لن تستعيد أنفاسها بقوة التوقيع أو بحصولها على 6 أو 7 وزراء. فهي فقدت مبرر وجودها كون الرئيس فشل في الربح حين انحاز ويتأخر كثيراً عن أداء دور الحكم لو أراد.

 

يقضي المنطق العوني المقتنع بالانتصار في 13 تشرين أن يعتبر رئيس الجمهورية نفسه مقاوماً صامداً ناجحاً في إفشال المؤامرات، فيما الوقائع توجب عليه الاستنتاج ان الوقت حان ليعترف بالفشل الذريع وبالمساهمة في الانهيار.

 

لن يحزم الرئيس أغراضه وينصرف الى كتابة المذكرات، لكن اصراره على البقاء مجرد قوة تعطيل تقف عند حدود مصالح “حزب الله” يجعل أمل اللبنانيين في السنتين المتبقيتين هو الحصول على تأشيرات.