طوى العهد القويّ سنته الرابعة مع مزيد من الإنهيارات الإقتصادية والإجتماعية، وطوى معه أمل اللبنانيين بالحدّ الأدنى من حياة كريمة الى غير رجعة. لكن ذلك لا يعني إستسلامه بمواجهة أعدائه، الذين يصرّون على إفشاله وتشويه صورته والنيل منه، لأنّه طاهر ومترفّع عن كل الآفات التي تتحكّم بالمنظومة السياسية اللبنانية.
فالعكس هو ما يحصل، وها هو ينتفض كطائر الفينيق، ويسعى الى الإستثمار في السنتين المقبلتين لوضع اليد على ما تبقّى من بنك أهدافه لتحقيق طموحه المقدّس.
وللمفارقة، هو يفاوض ويتحاصص، بالتضامن والتكافل مع هؤلاء المصرّين على إستهدافه. وعلى ما يبدو، سيتمكّن من الحصول على مزيد من المكاسب، بالرغم من تدنّي منسوب إنجازاته الى ما تحت أي معدّل منطقي.
ولم لا؟ فهو يراهن على الثقة بالنفس، والحمد لله، منسوبها مرتفع الى مستويات لا يبلغها أي عقل بشري، لأنّه يؤمن بأنّ الضربات التي لا تقتله تقوّيه. لذا، تتجلّى هذه الثقة بالسعي الى المثابرة في ملفّ التحقيق الجنائي. لا يرضى العهد القويّ عنه بديلاً. لأجله، هو حاضر لتذليل الصعاب وتعديل قانوني النقد والتسليف والسرّية المصرفية في مجلس النواب.
هو يصرّ على أن تصل الشركة العالمية Alvarez & Marsal الى مبتغاه، ومبتغاه إزاحة حاكم مصرف لبنان. لا يرضى بأقلّ من ذلك، ولا يهمّه أكثر من ذلك.
فالهدف ليس محاربة الفساد، حاشا وكلّا، فهو واقعي، ويعرف أنّ من دون هذا الهدف تركيبة محمية وقادرة على لفظه وإلغائه.
في هذه المسألة يكفي رفع العنوان والشعار بما يخدم الشعبوية المطلوبة. أما المحتوى فهو يرتبط بالسيطرة على مصرف لبنان، ومعه المؤسّسات التي تبيض ذهباً كشركة طيران الشرق الأوسط… ربّما.
ولنا أن نتخيّل الشفافية في الأداء والحسابات الدقيقة التي تكفل النيل من حلقة في المنظومة، واقتطاعها عن غيرها من الحلقات وممّا يرتبط بها إرتباطاً عضوياً.
والأمر بالنسبة له أولوية، لا تعرقلها حتّى مفاوضات تشكيل الحكومة التي تسير وفق ما يشتهي، بموجب التسريبات التي ترافق لقاءات رئيس الجمهورية ميشال عون والرئيس المكلّف سعد الحريري، وبالتالي لا تستوجب معارك ومنازلات وتحدّيات. المهمّ أن يستعين على قضاء حوائجه بالكتمان، والوعود بمزيد من المكتسبات تلوح في الأفق.
ولنا أن نتخيّل السنتين المتبقّيتين من عمر هذا العهد مع مكتسبات، أهمّها السيطرة على حقائب الدفاع والعدل والداخلية تحديداً، اذا طال عمر الحكومة العتيدة لتواكب إستحقاقات إنتخابية من نيابية وبلدية ورئاسية… أو إذا أصبحت هذه الحقيبة من الحصص المصانة بموجب الأعراف الهجينة التي تستبيح الدستور، أسوة بواقع الحال في وزارة المال. لا سيما اذا ما نجح في مبتغاه مع نجاحه في تولّي وزارة الداخلية، وما تمثّله من بسط السيطرة الأمنية بمواجهة أي تحرّكات شعبية محتملة.
ويبقى السؤال الأهمّ: من يفتح للعهد القوي الباب لتحقيق طموحاته؟؟ والى أين ستقودنا السنتان المقبلتان إذا ما تمّ له ما أراد؟
هل يسمح رئيس الحكومة المكلّف سعد الحريري بتقديم التسهيلات اللازمة لذلك؟
الأرحج أنّه لن يسمح؟ نتمنّى ذلك، فتجرّع السمّ له حدوده ومقاديره.