IMLebanon

مَن جَرّب المجرّب  

 

 

لا يجهل أحدٌ أنّ الرئيس سعد الحريري سار بترشح العماد ميشال عون لرئاسة الجمهورية بعد الموقف الذي اتخذه سمير جعجع الى جانب عون نكاية بسليمان فرنجية، ولقطع الطريق عليه في الوصول الى قصر بعبدا، علماً أنّ الحريري كان يدعم فرنجية، وأكثر من ذلك كان يتبنّى ترشيحه لرئاسة الجمهورية.

 

والأكثر استغراباً بعد موقف دكتور جعجع الذي جرّب غير اتفاق مع عون، ليكتشف بعد كل من تلك الاتفاقات أنّ الجنرال لا يلتزم إلاّ بما يخدم تطلعاته ويتخلّى دائماً عن الاتفاقات التي يكون قد عقدها، لذلك كان مستغرباً أن يعقد معه «اتفاق معراب» الذي أخذ عون بموجبه كل شيء ولم يأخذ جعجع شيئاً.

 

وفي سياق مواز، يريد عون أن يأخذ كل شيء من الحريري، وأهم ما حصل عليه هو رئاسة الجمهورية التي ما كان يمكن أن يصل إليها لولا دعم الحريري وموقفه الصامد معه، ومن ثم عمل على التخلص من الشيخ سعد، محاولاً أن يتفرّد في الحكم ومعه رئيس وزراء لا حول له ولا طول!

 

ولقد أدّت محاولات الرئيس ميشال عون للهيمنة على الحكم الى انهيار كامل في البلد، فالاستئثار بالحكم ليس مقبولاً في لبنان، وليس لأي طرف سواء أكان رئيساً للجمهورية أو في أي موقع آخر أن ينجح في هذه الهيمنة، ولو خُيّل إليه أنه قادر على ذلك والنتيجة التي وصل إليها البلد هي خير دليل، وفي النتيجة فقد وصلنا الى ما نحن فيه… وهذه الحال المتردية سيسجّل التاريخ انها حصلت في عهد عون!

 

فنحن في أكبر أزمة إقتصادية لم يعرفها لبنان سابقاً، وقلما عرفها بلدٌ آخر، ومن أسف أن رئيس الجمهورية يبدو وكأنه يتفرّج عليها من عليائه… ما يذكرنا بما عرفناه عن الامبراطور الروماني نيرون الذي كان يطل من شرفة قصره يتفرج على روما وهي تحترق!

 

والسؤال الذي يطرح ذاته بإلحاح هو: أين الوفاق؟ وهل ينكر أحدٌ أنّ هذا الوطن قام ويقوم على التوافق؟ وهل يمكن للبنان أن يقوم وينطلق إلاّ بالوفاق؟

 

ثم بدعة هذا العهد أنّ الجميع يجب أن يمشي بحسابات جبران باسيل، ربما لأنه نجح في ممارسته المسؤولية في الوزارات التي تولّى مسؤولية حقائبها! وقد يكون أهم «إنجاز» حققه هو نجاحه المحلّق في معالجة أزمة الكهرباء التي كتبنا فيها نحن وغيرنا الافتتاحيات العديدة بالرغم مما كبد هذا الملف الخزينة اللبنانية من عشرات مليارات الدولارات ما يوازي نصف الدين العام!

 

وفي المطلق أي ملف تسلمه جبران باسيل ونجح فيه؟ أي إنجاز حقيقي يمكن أن ينسب إليه؟ ومع ذلك مطلوب من اللبنانيين أن يبحثوا أي قضية أو مسألة أو ملف مع جبران حتى ولو كان ملف تأليف الحكومة!

 

وأما والحديث على النجاح، فأين نجح هذا العهد؟ أي مسألة استطاع أن يجد لها حلاً من النفايات الى سواها، وما أكثرها إذ يستوجب تعدادها مجلّداً كبيراً.

 

عفواً! لقد حقق العهد نجاحاً كبيراً لم يسبقه إليه أي عهد آخر، أجل لقد «نجح» في أن ينهي ذاته (عملياً ومعنوياً) في منتصفه! نعم! لقد انتهى عهد ميشال عون في منتصفه، ولو استمر شكلياً.