Site icon IMLebanon

إذا فسُد الملح… فبماذا نُملّح؟!

 

حسناً فعل رئيس الجمهورية ميشال عون بإطلاق حملة لمكافحة الفساد، فهو الحاكم “الحكيم” و”حامي حمى” الدستور والبلاد والعباد. “ظاهرة” لن تتكرر… “جنرال” في العسكر والسياسة لا يخرق “ظهيره” لا صهر ولا سند!

 

غير أن الرهان يبقى دائماً على وعي اللبنانيين وبُعد نظرهم، فهم أظهروا كامل وعيهم في ثورة “17 تشرين” ومحطات عدة، وباتوا على يقين أن الحملات “الجديدة القديمة” التي تستخدمها بعبدا ليست سوى “اسطوانة كيدية” ترددها كلما أرادت الهروب إلى الأمام من المواقف الحرجة، وكل مرة بعنوان مختلف، وآخر صيحات الموسم، استدعاءات بعنوان “الاثراء غير المشروع”.

 

عنوان “مفهوم ومطلوب”، فاللبنانيون اليوم بأمسّ الحاجة لكشف هوية الفاسدين ومحاسبتهم، من قضاء مستقلّ لا تتعطل تشكيلاته القضائية، لكنهم لن يتغاضوا عن استخدام القضاة من أجل تحقيق غايات خاصة، وسط معلومات “غريبة عجيبة” عن أن الملفات لا تستهدف إلاّ الجهات المتحفظة على أداء العهد، في محاولة لاستغلال حال الفوضى والمزاج العام لتقديم قرابين للوزير السابق جبران باسيل، علّها تعوضه عن خسارته الوطنية والشخصية المدوية بعد العقوبات الأميركية التي عممت اسمه في العالم تحت عنوان “فاسد”.

 

وبما أن رئيس الجمهورية نصّب نفسه قائد “تحرير الدولة اللبنانية من منظومة الفساد السياسيّ والاقتصاديّ والإداريّ التي اضحت رهينة لها، بغطاءٍ من ضمانات مذهبيّة وطائفيّة واجتماعيّة”، فلا بد من السؤال: هل ستطال حملة “الاثراء غير المشروع”، “التيار الوطني الحر” والمحيطين برئيس الجمهورية، وعلى رأسهم باسيل أم أنها مقتصرة على الشخصيات التي تعارضه؟ فملف “وزارة الطاقة” وما تسببت به سياسة الفساد من دين بلغ 40 مليار دولار، ألا يستحق مساءلة المعنيين عليه؟

 

قد يكون من السهل كشف فساد “الوطني الحر” وبعض قياداته، أو القيمين على “الطاقة”، لكن السؤال الأهم: كيف يمكن أن يكشف رئيس الجمهورية فساد “حزب الله” الذي لا يستخدم النظام المصرفي اللبناني ولديه نظامه المالي المستقل و”غير الشرعي”، ألا تستوجب مسيرة حزب بدأت في أوائل الثمانينات، ويملك ترسانة عسكرية باتت أكبر من حجم لبنان، مساءلته عن مصدر أمواله ومحاسبته، تحت عنوان: “من أين لك هذا؟”.

 

الحقيقة أن فخامة الرئيس بحملته الحالمة بزجّ بعض القيادات في السجون، ينفذ آخر مخططات تسليم البلاد لـ”حزب الله” الذي لا يعترف بدولة ولا بقانون ولا بقرارات دولية ولا بمحاكم… فهل هكذا تكون محاسبة “الاثراء غير المشروع” يا فخامة الرئيس!

 

التاريخ لن يرحم رجالاً لم يصدقوا شعوبهم، او جانبوا قول الحقيقة أو لم يتنحوا كما الشخصيات الكبار عندما استشعروا بأن صلة القربى والمصالح الحزبية ستتغلب على البعد الوطني والمساواة بين كل المرتكبين.

 

ما على اللبنانيين الا التحسر على ما آلت اليه “دولتهم العلية”، والعودة الى مقولة السيد المسيح “إذا فسد الملح فبماذا يُملّح”؟!