Site icon IMLebanon

ميشال عون بين مار مخايل ومار يوسف

 

المسافة بين كنيسة مار مخايل في الشياح وكنيسة مار يوسف في حارة حريك، لا تتجاوز، في الجغرافيا، الكيلومتر الواحد، لكنّها في التاريخ تتجاوز سبعة عشر عاماً، وفي السياسة عقوداً من الزمن.

 

في شباط العام 2006، كان «عرسٌ» في كنيسة مار مخايل في الشياح: رئيس «التيار الوطني الحر» العماد ميشال عون، يحيط به جبران باسيل وزياد عبس، والأمين العام لـ»حزب الله» السيد حسن نصرالله، يحيط به غالب أبو زينب ومحمود قماطي. المناسبة توقيع «ورقة التفاهم» بين «الحزب» و»التيار»، هذا التفاهم الذي أوصل العماد عون إلى رئاسة الجمهورية، وقبل ذلك وبعده، بُني تحالفٌ صلب بين حارة حريك والرابية، شمل التحالف في الانتخابات النيابية، والتفاهم والتنسيق في الحكومات المتلاحقة، وأبرز ما تمَّ التنسيق في شأنه، إسقاط حكومة الرئيس سعد الحريري، حين كان مجتمعاً مع الرئيس الأميركي باراك أوباما، فدخل رئيس حكومة مكتمل الصلاحيات، وخرج رئيس حكومة أسقط حكومتَه الثلث زائداً واحداً، من الرابية.

 

بعد سبعة عشر عاماً، انتقلت الجغرافيا من الشياح إلى حارة حريك، مسقط رأس العماد ميشال عون، حيث شارك في قداس في كنيسة مار يوسف، وكانت المرة السابعة التي يزور فيها بلدته منذ عودته من المنفى في فرنسا، الأولى في الانتخابات النيابية عام 2005، وفي أعوام الانتخابات النيابية 2009 و2018 و2022، كما زارها عام 2010 مرتين، في عيد مار يوسف وفي تقديم واجب العزاء بوفاة العلامة السيد محمد حسين فضل الله. هذه السنة المشهد كان مختلفاً تماماً، لم يكن أحد موجوداً ممن كانوا شهوداً على توقيع التفاهم، لا من جانب «التيار» ولا من جانب «الحزب»، لا رئيس «التيار» جبران باسيل، ولا زياد عبس بالتأكيد، لأنه خرج من «التيار»، ولا غالب أبو زينب أو محمود قماطي، من جانب «حزب الله»، بل حضر النائب عن «حزب الله» علي عمَّار، بصفته» نائب المنطقة»، مثله مثل النائب آلان عون.

 

قد يُقال إنّها مناسبة دينية لا تحتمل أكثر من ذلك، لكن في لبنان، فإنّ أصغر مناسبة توضَع تحت المجهَر لتبدأ المقارنات وتليها الاستنتاجات:

 

لماذا كان تمثيل «حزب الله» هزيلاً؟ هل من رسالة أراد إيصالها إلى الرئيس ميشال عون الذي لم يوفِّر «الحزب» في مجالسه الداخلية بعد خروجه من بعبدا وانتقاله مجدداً إلى الرابية؟ سبق للعماد ميشال عون أن أبدى عتبه على غياب «حزب الله» عن وداعه في قصر بعبدا، عند انتهاء ولايته، حتى بعد انتقاله إلى الرابية، لم يزره «حزب الله» إلا بعدما بلغ أسماع «الحزب» عتبَ الجنرال.

 

يجلس الرئيس عون في الرابية، يمضي معظم وقته في مكتبه في الطبقة الأرضية، يقرأ ويتابع ويستقبل، يشعر بمرارةٍ ممن سلَّفهم كثيراً، ولم يلقَ منهم ما يجب أن يلقاه، تفاهمه مع «الحزب» أحرق الجسور بينه وبين واشنطن، وتسبَّب بعقوبات بحق «ابنه الروحي» جبران باسيل، هل هو نادم على «التفاهم»؟ سؤال كبير. وحين يفضِّل «حزب الله» سليمان فرنجيه على جبران باسيل، فماذا يبقى «للتيار» و»للحزب» ليتفاهما عليه؟