Site icon IMLebanon

ميشال عون صانع الرئيس؟

من منطلق مسيحي، ولكل المدافعين بصدق عن الموقع المسيحي، الأول خصوصاً، يجب عدم القبول بكسر العماد ميشال عون وإضعافه، لأنه حتى الساعة يمثل الشريحة الأوسع من المسيحيين، واذا كانت أرقام المقترعين لمصلحته تراجعت ما بين انتخابات العام 2005 والعام 2009، فان ذلك لا يعني في كل حال، ان الرجل فقد شعبيته والأكثرية التي يتمتع بها. وحال منافسيه، وان زادت اعداد مؤيديهم، لم تصبح افضل، إذ ان التراجع في شعبية عون لم يصبّ في صناديقهم، وانما تحوّل الى اللامكان، اي الى الضياع الذي لا يخدم أحداً في الانتخابات. أضف ان هؤلاء المنافسين، وان انضووا في فريق واحد هو “14 آذار”، فإنّ انقساماتهم الحادة في ما بينهم كفيلة بعدم توافر الأكثرية لأي منهم.

في الوقت عينه، لا مجال لضرب حزب “القوات اللبنانية” او حزب الكتائب، لأن لهما أيضاً انتشاراً واسعاً وتمثيلاً كبيراً في اوساط المسيحيين، ويجب اخذهما في الاعتبار في كل صفقة تعقد “على حساب” ابناء الوطن الصغير.

لكن السؤال الذي يُطرح بتكرار وإلحاح هذه الايام، هو عن العماد عون نفسه، والذي صرح بأن صفقة التمديد لمجلس النواب قد تمت من دونه، وهو يتهم بها ضمناً الرئيسين نبيه بري وفؤاد السنيورة، بتواطؤ مضمر مع “حزب الله”، وبمباركة النائب وليد جنبلاط. وهذا الأمر يذكّر بالتحالف الرباعي الذي قام على حساب المسيحيين، وهو قابل للتكرار اذ ليس في السياسة محظورات ولا أسس ولا قيم.

يحق للعماد عون الطموح الى رئاسة الجمهورية، وهو حلم يراوده منذ زمن، كما يراود معظم السياسيين الموارنة، ولهم الحق في ذلك. لكن الفارق كبير بين ما يحق لهم وما يجوز لهم، فلا يجوز ان يمنعوا انتخاب رئيس، ولا يجوز لأي منهم ان يعطّل عمل المؤسسات، ولا ان ينسف اسس الدولة، ويضعف الموقع المسيحي لمصلحته الشخصية.

والفارق كبير أيضاً ما بين الرئيس والزعيم، فالياس سكاف يبقى زعيما في زحلة ولو اخرج من النيابة، وموقع وليد جنبلاط لا يرتبط بموقعه النيابي، وقوة تأثير سعد الحريري لا تتأثر بخروجه من السرايا. وهذه الدرجة بلغها ميشال عون الذي لم يولد زعيماً، بل، لنقل صراحة، انه صار اللاعب الاول في هذه المرحلة، وهو المعطّل الاساسي لاستحقاق رئاسة الجمهورية، وهو الحليف الاول للقوة المؤثرة في القرار اللبناني أي “حزب الله”، والحاجة اليه لم تتناقص.

لكن الواقعية في الحياة السياسية تتطلب مرونة أكبر، اذ ان الائتلاف الذي قام لمحاربة “داعش” واعادة ترتيب الاوضاع في المنطقة أكبر من لبنان وحساباته الصغيرة، وقد تتجاوز الارادة الدولية الارادات المحلية، وستجد حتماً من يمضي في ركابها، ليجد العماد عون وغيره أنفسهم خارج اللعبة. فهل يفيد عون من الفرصة ويكون هو صانع الرئيس، وسريعاً؟