IMLebanon

زمن ميشال عون

متى يدرك هؤلاء، ونتحدث عنهم واليهم بصيغة المجهول، ان العماد ميشال عون ومذ وطأ قصر بعبدا لم يعد رهين الكونسورتيوم القبلي الذي يتحكم بمفاصل الجمهورية الثانية، كما لو اننا لا نستدرج الوصاية تلو الوصاية لتبقى الجمهورية – القهرمانات، ودون ان نأخذ برأي ذلك السفير الفرنسي الذي قال ان لبنان ينتج اللبنانيين…

هل عاد لبنان ينتج اللبنانيين حقا؟ وهل عاد اللبنانيون ينتجون لبنان حقا؟ وليدرك هؤلاء ان العماد عون طرح نفسه رئيساً استثنائياً، ونحن نثق به رئيساً استثنائياً، فالى متى يستمر صراع الديكة حول الحقائب، وباسلوب الحانوتي الصغير Le Petit boutiquierلا باسلوب من يحاول ان ينقذ لبنان وقد بات على قاب قوسين او ادانى من الهاوية…

اولئك الاميون الذين يهربون من حقيبة الثقافة كما لو انها داء الجذام، وكيف لهم ان يعرفوا ما داموا لا يقرأون ســوى تصريحاتهم، وسوى تقاطيع وجوههم، وسوى ارقام عقاراتهم وودائعهم، ان شارل ديغول عين رجلاً مثل اندريه مالرو وزيراً للثقافة، وان فرنسوا ميتران اسند الحقيبة اياها لجاك لانغ..

مالرو، الفيلسوف الفذ وصاحب «الوضع الانساني» الذي كان احد اركان المقاومة ضد النازية، والذي كان ورحل على انه احد كبار مثقفي العصر، ولطالما حاول ان يجعل من المعاناة البشرية ديناميكية تقود الى عبقرية الرؤية (والرؤيا).

دون ان ننسى ان احفاد اريسطو وافلاطون، وقبل ان تعصف بهم اللحظة الاغريقية اتوا بتلك النجمة الصارخة ضد ديكتاتورية، الكولونيلات ميلينا ماركوري وزيرة للثقافة…

كما تلاحظون نحن نلهث، وفي وضح النهار، من اجل مغارة علي بابا. ولن نستذكر نظرة فرانز كافكا الفظيعة الى «لعنة العقل»، كما اننا لن نستذكر نظرة محمد اركون الفذة الـ«العقل الجريح» في دولنا وفي مجتمعاتنا…

اجل، نثق بالجنرال، وبعيداً عن الصفقات الصغيرة التي عقدها البعض هنا وهناك، على انه الرجل الذي يزعزع امبراطورية الفساد داخل الجمهورية. واذا كانت المنطقة تعاني من اعتى التوتاليتاريات، وقد حولوها، كما قلنا، الى مهرجان للعدم، تعاني الجمهورية من اسوأ التوتاليتاريات، وقد حولوها الى «محفل مقدس» للمافيات وللمذاهب التي تذهب بعيداً في عدائها لجدلية الازمنة وحتى لجدلية النصوص…

حين يكون هناك (في القصر) لا يكون المسيحي الاقوى، بل اللبنانية الاقوى، الانسان الاقوى، الذي يرفض ثقافة الثقوب في الخزينة (السنا امام نماذج من الفئران البشرية؟)، كما يرفض ان ينتهك المال العام، بالصناديق والمجالس والهيئات الهجينة، والاهم – يا فخامة الجنرال – الكرامة ثم الكرامة…

الكرامة الضائعة، بل الكرامة القتيلة، على اللبناني ان يجثو امام اهل البلاط اذا اراد وظيفة لابنه، واذا اراد تزفيت الطريق الى منزله، واذا اراد ان يتنفس الهواء الذي وحده لم يوضع في  القناني ويعرض للبيع. غداً، قد نفاجأ بتعليب الهواء…

يا جماعة، لنأخذ بكلام كريستيان لاغارد «ليكن الوقت هو ثروتنا الالهية». عامان ونصف لانتخاب رئيس الجمهورية الذي لم يكن ليحصل لو لم يكتشف الخارج ان لبنان لامس الهاوية، وكم من الوقع يستغرق توزيع الحقائب لحكومة لن تعمر لاكثر من بضعة اشهر، الا اذا كان هناك من خطط للتمديد للمرة الثالثة؟

من فضلكم مددوا اذا كان هذا هو القانون الذي على اساسه تجري الانتخابات النيابية، لا تخافوا من «الرأي العام». هذه عبارة عائمة ولا معنى لها. الرأي العام خرّ حريصاً من عهد بعيد، والحراك المدني لا يعدو كونه فانتازيا الشوارع…

لكننا نتجرأ ونقول «اننا في زمن ميشال عون» لن يترك لصوص الهيكل يرتعون، ليس بحاجة الى النصوص الدستورية، ولا الى الحقائب السيادية، هو بحاجة فقط الى نقل صرخته الى الارض… يا شعب لبنان العظيم!!