Site icon IMLebanon

الاستمرار في دعم الكاجو والفياغرا.. ولا مَن يسأل

 

لا يستطيع حاكم مصرف لبنان وقف الدعم عن استيراد السلع الاساسية، مُقيّداً بقرار سياسي لا رجوع عنه بغضّ النظر عن نفاد احتياطي مصرف لبنان من العملات الاجنبية، والهدر بما تبقّى من أموال المودعين من أجل دعم استيراد «الكاجو» و«الفياغرا».

بعد ان أعلن حاكم مصرف لبنان رياض سلامة مِراراً في الآونة الاخيرة، وحذّر الحكومة من انّ البنك المركزي لا يمكنه الاستمرار في دعم استيراد السلع الاساسية (المحروقات، القمح والادوية)، مُحدِّداً مهلة 3 أشهر، زادَ الطلب على الدولار في السوق السوداء بعد ان بات يقيناً انّ سعر الصرف الليرة سيشهد مزيداً من التدهور بعد رفع الدعم. كذلك الامر بالنسبة للسلع المدعومة، حيث حصل تَهافت على تخزين الادوية والمازوت من قبل المستوردين والتجار والمستهلكين.

 

إلّا انّ سلامة عاد امس الاول واكد في لقاء مع اتحاد نقابات موظفي المصارف انّ مصرف لبنان مستمرّ بالدعم، كذلك فعل المدير التنفيذي للقطع والعمليات في مصرف لبنان نعمان ندور، الذي أوضَح خلال اجتماع لجنة الاقتصاد امس انّ الدعم مستمرّ وفقاً لآلية جديدة سيتم العمل بموجبها.

 

إلّا انّ النائب ميشال ضاهر، عضو لجنة الاقتصاد، شدد على انّ الدعم يصبّ في مصلحة المستوردين، ويتسبّب في هدر ملايين الدولارات من اموال المودعين المحتجزة، موضحاً انّ نسبة الهدر الأكبر ناتجة عن استيراد الادوية والمحروقات، ناهيك عن انّ لائحة السلع المدعومة تضمّ على سبيل المثال: «الكاجو (cashew nuts)، المكدميا (macadamia)، وصولاً الى الفياغرا (viagra).

 

وقال لـ«الجمهورية»: انّ الهدر في استيراد المحروقات بات معلوماً، و»تحت عين الدولة» تتم عمليات تهريبه الى الخارج، «علماً انّ مستوردي المحروقات يقولون انّ قيمة المحروقات المستوردة هذا العام لم تبلغ مستويات العام الماضي، مُتناسين انّ سعر برميل النفط تراجع في بعض الفترات الى ما بين 20 الى 25 دولاراً. وبالتالي، فإنّ الكميات المستوردة في العام الحالي اكبر بكثير من التي تمّ استيرادها في العام الماضي، لكنّ قيمتها بالدولار تراجعت مقارنة بالعام الماضي».

 

في موازاة ذلك، أكد ضاهر انّ نسبة الهدر في استيراد الادوية تصل الى 30 في المئة من قيمة الفواتير، شارحاً انّ شركات الادوية العالمية تعيد الى وكلائها المستوردين ما نسبته 20 الى 30 في المئة من قيمة فواتير الاستيراد، «وهذا أمر متعارف عليه عالمياً، حيث تعتبر هذه النسبة بمثابة «حوافز» او عمولة للوكلاء.

 

على سبيل المثال، في حال قام التاجر باستيراد أدوية بما قيمته 100 ألف دولار، عليه ان يسدّد لمصرف لبنان 15 في المئة من قيمتها بالدولارات الوهمية المحتجزة في المصارف أي ما يعادل 45 مليون ليرة وفقاً لمعدل سعر بيع تلك الدولارات (لولار) عند حوالى 3200 ليرة، والـ85 ألف دولار المتبقية يدعمها مصرف لبنان على سعر الصرف الرسمي عند 1515 ليرة، أي ما يعادل 128 مليوناً و775 ألف ليرة. وبالتالي، فإنّ المبلغ الذي سيؤمّنه التاجر مقابل استيراده أدوية بقيمة 100 الف دولار هو 173 مليوناً و775 الف ليرة. في المقابل يحصل المستورد على عمولة من شركة الادوية بنسبة تبلغ في الحد الادنى 20 في المئة من قيمة الفاتورة أي 20 الف دولار، اي ما يعادل وفقاًَ لسعر الصرف في السوق السوداء 180 مليون ليرة، ليكون التاجر بالنتيجة قد استورد تلك الادوية مجاناً.

 

كما كشف ضاهر انّ طريقة الدعم تُتيح مسارب أخرى للهدر، على غرار الفواتير «الملغومة» التي يتقدم بها التجار، حيث انّ السلعة التي تبلغ قيمتها 600 دولار على سبيل المثال، يتم تقديم فاتورة بها بقيمة 1000 دولار، ويسدّد التاجر مليوناً و500 ألف ليرة لمصرف لبنان لاستيرادها مدعومة، ويحصل في المقابل من الشركة المورّدة في الخارج على 400 دولار كعمولة (ما يعادل 3 ملايين و600 الف ليرة)، يتم إيداعها له في حساب خارجي، ليكون بالتالي قد استورد البضائع مجاناً وحقق ارباحاً اضافية.

 

ومن أجل ضبط هذا الهدر، اقترح ضاهر دعم نسبة معيّنة من قيمة الفواتير، أي على سبيل المثال، دعم أوّل 300 دولار من قيمة فاتورة استيراد السكر، وأول 750 دولاراً من فاتورة استيراد الزيت، وأول 600 يورو من فاتورة بذار البطاطا… «لكنّ جَشع التجّار يبقى بالدرجة الاولى المعيار الاساس». كما اقترح توزيع مليوني ليرة (220 دولاراً) على كافة الأسَر اللبنانية المقدّر عددها بمليون أسرة، أي ما قيمته الاجمالية 220 مليون دولار شهرياً، مقابل 600 مليون دولار ينفقها البنك المركزي على الدعم شهرياً.

 

من جهة أخرى، أكّد ضاهر انّ قرار الاستمرار بالدعم هو قرار سياسي لا يمكن لحاكم مصرف لبنان مخالفته، بغضّ النظر عمّا اذا كان الاحتياطي قد نفد واضطرّ الى استخدام الاحتياطي الالزامي للمصارف، بحيث لا يُمانع المسؤولون في إقرار قانون لخفض نسبة الاحتياطي الالزامي من 15 الى 10 في المئة من اجل مواصلة الدعم.