عام مرّ على رحيل النائب ميشال المر. وبمقدار ما كان هذا العام مليئاً بالتحديات، كان دور ابو الياس مُفتَقداًَ خلاله في نواح عدة.
مع تفاقم الازمة المعيشية والضغوط الاجتماعية، يميل البعض في هذه الأيام القاسية الى استعادة الخدمات والمساعدات التي كان يقدّمها الراحل الى من يحتاجها. صحيح انّ هناك من كان ينتقد «تضخم» سلوكه الخدماتي ولكن الرجل كان يتصرف على اساس انّ واقع لبنان يفرض اعتماد مثل هذا السلوك في انتظار بناء دولة المؤسسات والقانون التي يصبح فيها المواطن غير محتاج الى واسطة او وسيط حتى يحصل على حقوقه. ومع تصاعد الانقسام السياسي الداخلي وانقطاع خيوط الحوار، يحضر أيضا «كاراكتير» ابو الياس الذي كان معروفاً بأنه رجل الاعتدال والتواصل، ولعل تعقيدات المرحلة الراهنة كانت تتطلب الاستعانة بخبرته في حياكة التسويات وتجربته في التعامل مع الازمات.
ومع النقص المتزايد في وجود «المحترفين» ضمن اللعبة السياسية، يُستعاد أيضاً بعد عام على الرحيل الموقّع الذي كان يشغله ميشال المر كلاعب يجيد التمرير والتسديد والمناورة والهجمات المرتدة، فكان حلفاؤه في الفريق الواحد يسرّهم انهم وإيّاه في تشكيلة مشتركة، وكان معارضوه في الفريق المنافس يطيب لهم كذلك اللعب ضده على قاعدة انّ الخصومة معه تحمل نكهة خاصة.
ومع ضَحالة الواقع السياسي الجاف، يستحضر كثيرون الروح المرحة التي كان يتحلى بها المر، وهو صاحب النكتة اللاذعة التي لطالما أضفت على النزاعات والخلافات بسِمة خفّفت من وطأتها في احيان كثيرة.
وعشيّة الانتخابات النيابية، سيشعر أبناء المتن على الأخصّ بالأثر الذي تركه المر خلال مسيرته وسيرته، سواء في الجانب الانمائي المتعلق ببلداتهم او في داخل صناديق الاقتراع حين كان ينجح في انتزاع مقعد نيابي من بين «أنياب» الاحزاب كما حصل في الدورة الأخيرة.
ولأنّ شخصية ابو الياس كانت موضع جدل حيوي، فإنّ معارضيه صنّفوه كجزء من «المنظومة» والطبقة السياسية التقليدية، في حين يعتبر أصحاب الرأي المضاد انه جزء من نسيج «النظام» التوافقي المرتكز على توازنات وطنية ضرورية، واستطراداً ابن الصيغة اللبنانية الاقوى من التفاصيل وشياطينها.
على كلٍ، وحده التاريخ سيصدر الحكم العادل في تجربة ميشال المر التي يتفق من معه وضده على أنها «علامة فارقة».