IMLebanon

“أبو الياس”… آخر زعماء “الزمن الجميل”

 

رحل «أبو الياس»، ومعه رحَل زمنٌ كامل من السياسة والسياسيين.

 

البعض يقول: إنّه «الزمن الجميل» في لبنان، حيث السياسيون يتصارعون بشرفٍ أو يتحالفون بشرف، فإذا انتصر الواحد على الآخر يتهيَّب الانتصار ويتواضع ويحجز مكاناً للمهزوم.

 

ربما اختلَّت هذه القاعدة تكراراً في سنوات الحرب، لكنّ «أبو الياس» لم يتغيَّر. يشهد له الخصوم والحلفاء على حدّ سواء.

 

كثيرون خاضوا المعارك في وجه «أبو الياس»، وكثيرون خاضوها في ظهره، وبعضهم خاضها إلى جانبه.

 

لكنه في كل الأحوال كان يواجِه، ويخرج قوياً. لا ينسى الذين معه، ولا يحقد على الذين ضدّه.

 

بالنسبة إلى «أبو الياس»، كانت الزعامة بيتاً مفتوحاً، والسياسة فنّاً للخدمة، خدمةِ البلد والناس.

 

وهو يرحل اليوم في زمنٍ تصحَّرت فيه الزعامات، وصارت السياسة تشنيعاً بالبلد والناس.

 

فكأنّه أقفل الباب على زمن الزعامات، وأخذ معه المفتاح.

 

واليوم، إذ يأوي «أبو الياس» إلى التراب الأحبّ إلى قلبه، تراب المتن، مرتاحاً إلى أنّ «الوزَنات» التي تسلَّمها باقية، يغمض عينيه، وفي قلبه غصّتان: غصّة الوداع، وغصّة انهيار الدولة وهواجس ضياع البلد.

 

لكنه يرحل، وهو راسخ اليقين في أنّ الأجيال ستدوِّن في سِجلّ التاريخ أنّ «أبو الياس» عمِل للبنان، وأنّه لم يعمل إلّا للبنان.