عرفته قليلاً من وقفات وكلمات وشباب مفعم بالحياة، لكنني عرفته كثيراً على لسان من عايشوه وصحبوه عن قرب، واكتشفوا فيه سر إنسانية الانسان الذي لا تعرف شماله ماذا قدمت يمينه، وهو المنطلق في الحياة بفرح عظيم.
هو من ملح الارض والنور الهادي، الملح والنور اللذان عناهما المخلص، اي ملح الكلمة والمسلك ونور الحق، مشعٌّ بالحياة في لبناننا الندي العطر..
لا اغالي يا ميشال ان قلت، لقد قتلك حبك وحنانك والوفاء لوطنك وشعبك، أما سفرك المبكر وانسلاخك المضني عن عائلتك واهلك والمحبين والاصدقاء فأوجعنا جميعنا، ولعله اراحك من هموم ومرارات اقتحمت عالمك الخاص، فذهبت الى اعالي البياض والنقاء لعلك تزيح الغُمة لتعبر الغيمة السوداء، التي البستنا سواداً مقيماً الى نهايات العمر..
قرّ عيناً يا ميشال، وأطلّ على لبنان من فوق من الاعالي التي لا يعلوها مكان حيث دنيوات ربك، وانفخ مع الراقدين نار رجاء القيامة، فهي لا بدّ ستردع وتطهّر المعتدين، لتقرع اجراس القيامة الغافرة المنتصرة الى يوم القيامة..
ستظل يا ميشال، الصخرة الصامدة من جبلنا الشامخ كما ارز الرب، بعدما تمّمت سعيك وحفظت ايمانك، فاقبل اكليل الظافرين في رحاب ربك يا صاحب الايمان العميق والاعمال المبرورة..
وكما نردد مع كل رحيل.. اعلم يا ميشال اننا لا نلبث بعدك الا قليلاً..