IMLebanon

“الحرية_لميشال_مطران”… توقيفه ورقة نعوة للعدالة في بلد الموت

 

مؤسس حساب غرفة التحكم المروري على “تويتر” موقوف مسلكياً

 

حتى ساعات متقدمة من نهار الأحد كان الرائد ميشال مطران لا يزال موقوفاً مسلكياً في المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي على خلفية تغريدة نشرها على حساباته، أعرب فيها عن أسفه لما آلت إليه حال الطرقات في لبنان بعد سنوات من «جسر التواصل» الذي حاول بناءه بين الدولة والمواطنين من خلال إنشائه قسم الإعلام والعلاقات العامة في هيئة غرفة التحكم المروري، وإدارته حساباتها عبر وسائل التواصل الإجتماعي بعدما أطلق أول منشور عليها من هاتفه الخاص قبل أكثر من تسع سنوات.

 

بحسب المعلومات، لا يسمح لمطران بالتواصل مع عائلته سوى مرة واحدة يومياً، حيث يكون اتصاله مراقباً ولا يسمح له فيه بالتداول في قضية توقيفه. وهو بالتالي قد لا يكون عارفاً بالتفاعل الكبير الذي حقّقته قضيته جرّاء التضامن الذي أبرزه الرأي العام اللبناني عبر مختلف وسائل الإعلام والتواصل الإجتماعي، والذي بدا أكثر إنصافاً مع مطران من مسؤولي السلطة التي ينتمي إليها وظيفياً، بعدما عاقبته الأخيرة مسلكياً أكثر من مرة، وأبعدته عن الملف الذي تولاه منذ البداية، من دون أن توضح الأسباب، أو أقله تقدم بديلاً أكثر نجاحاً منه.

 

وكان مطران قد إستدعي الى التحقيق على عجلة عند السادسة من مساء الجمعة، وأوقف فوراً مسلكياً لمدة عشرة أيام، مع معلومات متقاطعة حول سبب توقيفه وقد ذكر أنه تغريدة نشرها على حسابه قبل ستة أيام قال فيها ما يلي: «عندما أسّست حساب غرفة التحكم المروري على تويتر منذ 10 سنوات، كتبت التغريدة الأولى من هاتفي في شهر كانون الأوّل عام 2013، وكان الهدف ليس تأسيس حساب بل إطلاق «حركية» أو momentum تدفع نحو دخول لبنان في مرحلة جديدة في قطاع السلامة المرورية تصل بنا إلى صفر قتلى وجرحى وتضعنا في مصاف الدول المتقدمة. نجحنا يومها في أمور كثيرة وانتهت التجربة بعد سنتين بخيبة كبيرة».

 

«اليوم تحوّل الحساب إلى موقع لنشر وتعداد عدد الجرحى والقتلى يومياً! يعني عاللبناني صار الحساب «ورقة نعوة». قصة هذا الحساب تشبه واقع البلد بكل تفاصيله. وفاة 5 أشخاص يومياً في بلد عدد سكانه 6 ملايين نسمة يعني أننا نخسر 30 شخصاً لكل 100 ألف نسمة، ما يعني أننا نتصدر دول العالم في عدد قتلى الصدامات المرورية».

 

ليل الجمعة، تبلغت زوجته جويل باسيل أن توقيفه سيمتد 10 أيام على الأقل، موضحة «أنه لو كان هناك سبب جوهري لتوقيفه لأحيل إلى المحكمة العسكرية، إنما ميشال مطران يعاقب لشغفه بقضية السلامة المرورية التي يعتبرها قضيته».

 

وكانت باسيل نشرت تغريدة تعلن فيها عن توقيف زوجها قالت فيها: «تم استدعاء زوجي ميشال مطران كالمجرمين الساعة السادسة مساء الجمعة وعلى عجل من منزلنا في زحلة بهدف توقيفه. وقد تم توقيفه فعلاً من قبل فرع المعلومات لأنه ممتهن ومحترف وبسبب بوست كتبه على مواقع التواصل منذ ستة أيام. ولأنو ما بدكن مين يخبركم عن حرفيته أرفقت التغريدة بهاشتاغ «الحرية_لميشال_مطران».

 

وبعد دقائق، بدأ تفاعل الرأي العام الكبير مع قضية توقيف مطران، حيث ذكّر البعض بالظلم الذي تعرض له الأخير بسبب حمله قضية السلامة المرورية، مستعيداً قرار إقصائه عن مهمة إدارة صفحة غرفة التحكم المروري في سنة 2014، والتي جعلته يتصدر صفحات وسائل التواصل عبر هاشتاغ «بدنا_كابتن_ميشال_مطران_يرجع_ لأنو» بعدما كان قد تحول مرجعاً لمختلف وسائل الإعلام في مجال تسهيل عمل المرور والتعامل مع حالات الطوارئ، بالإضافة الى تحول الصفحة في فترة قصيرة من إدارته لها، مرجعاً بالنسبة إلى عشرات آلاف المتابعين.

 

والمعروف عن مطران أنه ضابط نشيط وصاحب كفاءة بالمجال الذي يعمل فيه. وهو يعتبر وفقاً لعارفيه أن عليه واجباً توعوياً كبيراً حول السلامة المرورية التي تخصص بها حتى قبل ان يصبح ضابطاً. ويستغرب هؤلاء كيف أن خبرته يستفاد منها عبر إستشارات يقدمها في دول العالم، فيما الدولة اللبنانية تعاقبه في كل مرة إستفزه تخاذلها في حماية الناس من الحوادث المتكررة. ومع ذلك تقول زوجته إذا كان توقيف زوجي مسلكياً يجعل ملف السلامة المرورية أولوية فأنا متأكدة أنه لن يهتم لو أوقف أشهراً.

 

ولكن قضية توقيف مطران هذه المرة تتعلق أيضاً بالحريات العامة، وحتى لو كان الضابط في قوى الأمن الداخلي يخضع وظيفياً للمادة 160 التي تقول إنه «لا يحق لرجال قوى الأمن الداخلي في الخدمة الفعلية ولا للاحتياطيين نشر مقالات أو إلقاء محاضرات أو خطابات أو الإدلاء بتصريحات إلى وسائل الإعلام قبل الحصول على إذن مسبق يصدر عن المدير العام»، فإن العبرة وفقاً لزوجته كما للنائب جورج عقيص الذي أدلى بحديث مصور حول هذه القضية، هي في تطبيق المادة على سائر القضاة والضباط وسائر الموظفين الذين يخضعون لقوانين الموظفين وموجبات التحفظ. فإما أن يطبق على الكل أو لا يجوز تطبيقه بانتقائية، خصوصاً ان خطأ ميشال مطران وفقاً لمصادر هو أنه تكلم في موضوع يمسّ الناس مباشرة ويرتبط بسلامتهم وحياتهم المهدورة على الطرقات، والتي بدورها ترعاها قوانين، لو طبقت بالشكل اللازم لما وصل عدد ضحايا السير لما وصل اليه حالياً.

 

وكانت قضية مطران قد لقيت تفاعلاً كبيراً في مدينته زحلة تحديداً، وصدر أكثر من بيان استنكار عن فاعلياتها، أبرزها لراعي أبرشية الفرزل وزحلة والبقاع للروم الكاثوليك المطران ابراهيم ابراهيم الذي أسف لتوقيف «ابن زحلة وطائفتنا الرومية الملكية الكاثوليكية» معتبراً ان سبب توقيفه «أمر يحفظه الدستور اللبناني ودساتير العالم بأسره على قاعدة حرية التعبير، خصوصاً أنّ التغريدة لا تتضمّن تجاوزاً للقوانين»، وناشد الرئيس العماد ميشال عون والرئيس نجيب ميقاتي ووزير الداخلية والبلديات القاضي بسام مولوي التدخل لإعادة الرائد مطران الى اهله في زحلة والى عائلته، وتطبيق القانون.

 

وكذلك غرّد النائب سليم عون مستنكراً، وأعرب النائب جورج عقيص عن الغضب لكون قول الحقيقة في هذا البلد صار جريمة، محمّلاً مدير عام قوى الأمن الداخلي الذي أمر بتوقيف مطران، مسؤولية كل ضحية تقع على الطرقات لأنه لا يساهم بقول الحقيقة.

 

كما أكّد عضو تكتّل الجمهورية القوية النائب الياس اسطفان أنه يتابع قضية توقيف الرائد ميشال مطران، مشيراً الى انه «ليس متروكاً لوحده، ولن يكون مكسر عصا، في بلد بات فيه الاستقواء على النزهاء والشرفاء أمراً عادياً».

 

واستغرب «الطريقة التي تم فيها التعامل مع رائدٍ له باع طويل بالإنجازات في مجال السلامة المرورية في لبنان، وكأن الكفاءة باتت خطأ يعاقب عليه، فيما الفساد والتقاعس عن الواجبات يعششان في مختلف المراكز والمناصب».

 

وشدّد اسطفان على «ضرورة الإفراج عن الرائد مطران اليوم قبل الغد، مشيراً الى الكم الهائل من المخالفات التي يرتكبها بعض الضباط واشخاص في سدة المسؤولية دون حسيب او رقيب فقط لاننا في بلد المحسوبيات والعدالة الانتقائية».

 

واعتبر ان «هذا الأمر بات مرفوضاً ولن نسكت عنه بعد اليوم ولن نسمح في سياسة كم الافواه والقمع في بلد يقدس الديمقراطية والحرية”.