يرتدي ملف النزوح السوري طابعاً من الخطورة والأولوية، بعدما فرض نفسه كمادة بارزة وصالحة للتوظيف السياسي في عدة مجالات داخلية وخارجية على حدٍ سواء، وبشكلٍ خاص في الحملات التي تُسجل في إطار تصفية الحسابابت السياسية، مع العلم أنه تحول وبإقرار غالبية الأطراف المحلية، إلى واقعٍ يهدد وجود لبنان وفق ما يتمّ تداوله أخيراً وصولاً إلى ارتفاع مستوى الخطاب السياسي الذي بات يحذر من خطر “زوال لبنان بفعل النزوح السوري السابق والمتجدد”. وفي المقابل، فإن التعاطي مع هذا الملف، لا يتوافق مع حجم المخاوف التي يتمّ التعبير عنه من قبل المسؤولين كما من قبل المواطنين، كما أنه لا يتوافق مع مبادىء السعي الى التصدي لمخاطر النزوح السوري، بعيداً عن أي تحريض طائفي أو عنصرية، وبالتالي رمي المسؤولية من قبل كل فريق على الفريق الآخر وسط الأزمة السياسية المتمثلة بالشغور الرئاسي ووجود حكومة تصريف أعمال غير قادرة على وضع خطة طريق تتضمّن تدابير وإجراءات تساعد على مواجهة هذا الخطر الداهم. ومن ضمن هذا السياق، يعتبر عضو كتلة “التنمية والتحرير” النائب الدكتور ميشال موسى، أن ملف النزوح، “يُصنّف الآن في لائحة الأولويات في لبنان، البلد الذي يواجه أزمةً سياسية وواقعاً مالياً واقتصادياً صعباً، كما يواجه تحدياً كبيراً بسبب العدد الكبير من النازحين على أرضه والذي يكاد يكون مصيرياً في ظل انسداد الأفق السياسي”.
ويكشف النائب الدكتور موسى لـ “الديار”، أنه “في ظل غياب الجهود والإجراءات المطلوبة لمواجهة هذه الازمة، فإن أي حادث أو إشكال، يكفي لاشتعال الشارع وتوسيع رقعة الاشتباك، مقابل تراشق للاتهامات بين اللبنانيين لجهة من يعمل وينشط على خط حل الأزمة ومن لا يعمل ويكتفي بالمزايدة سياسياً واستثمار أي إشكال، في الخلاف السياسي على الساحة الداخلية خصوصاً في ظل انسداد الأفق السياسي الرئاسي واستمرار أزمة الشغور في موقع رئاسة الجمهورية.
إلاّ أن الدكتور موسى، يشدد على أن هذا الملف “يتطلب استراتيجية واضحة تشمل كل الأطراف اللبنانية، لأنه عندما تتوحد وتجتمع كل المكونات اللبنانية حول خطة عمل واحدة وهي أقل الواجب، فعندئذ سيكون الصوت أقوى وأعلى ويصل إلى الجهات المعنية بملف النزوح، خصوصاً الأمم المتحدة والمجتمع الغربي، لأن ملفاً بهذا الحجم يتجاوز طاقة لبنان وقدرته على الاحتمال، ويستلزم حلولاً ضمن الأصول وضمن الإطار العملي وليس ضمن التجاذبات الداخلية ومن خلال خطاب الكراهية ووجهات النظر المختلفة”.
وعن الاستغلال أو التوظيف السياسي، يجد الدكتور موسى، أن “كل شيء وارد في مثل هذه المعمعة، لكن الهدف يجب أن يتركز على التوصل إلى خطة موحدة للدفاع عن سيادة البلد، لأن ظروف البلد الصعبة تفترض العمل سريعاً لضبط موجة النزوح والأخطار الناجمة عنها، وخصوصاً أن هناك حدوداً شاسعة ومن الصعب السيطرة عليها ومراقبتها وضبط حركة العبور غير الشرعي عليها”.
ورداً على سؤال حول إمكان تحوّل الموقف السياسي الرافض لهذا الواقع، إلى محفّزٍ للقوى السياسية للتلاقي، يؤكد الدكتور موسى على “أهمية الوحدة في رفع الصوت في المنابر الدولية، لأنه من المهم التكاتف بين الجميع لأن الموضوع مهم وحساس، وهو كملف النهوض الاقتصادي يشكل سبباً ودافعاً أيضاً من أجل الإسراع في إعادة تكوين السلطة التنفيذية بدءاً من انتخاب رئيس الجمهورية، لأن الوقت يمر ولا نمتلك ترف الوقت، بسبب تزايد المشاكل نتيجة عدم الحلول”.
وفي هذا الإطار، يحذر الدكتور موسى من الانزلاق إلى خطط يضعها الغير ونصبح أسرى لها وندفع أثماناً أغلى من التي ندفعها الآن”.
ويشدد الدكتور موسى على الاستمرار في السعي الى معالجة ملف النزوح من زاوية وطنية، معتبراً أنه “على القوى السياسية أن تبادر معاً وفي إطار واحد للوصول إلى نتيجة فاعلة، وذلك من دون إغفال أن الملف الرئاسي وانتخاب رئيس للجمهورية من الممكن أن يساعد على الحل لكل الأزمات، وبالتالي فإن على كل القيادات السياسية أن تتعاون لوضع خارطة طريق للعمل في هذا الاتجاه، لأن هذا الملف مصيري وتبدأ معالجته في الداخل وتُستكمل في الخارج”.