IMLebanon

ميشال سماحة

الجانب الوحيد المفرح بعد اطلاق سراح الوزير السابق ميشال سماحة هو توقف معاناة عائلته. أما الجوانب الأخرى من صورة هذا الحدث فبعضها قاتم، وبعضها الآخر يتراوح بين الأسى والأسف، على آخرة رجل أنهى مسيرة مشرقة بخاتمة مظلمة صنعها بيديه الاثنتين! وكان ميشال سماحة سياسياً موصوفاً بالذكاء، ومجتهداً وجاداً في متابعة الأحداث وما يتعلق بها أمام الستار وخلفه. وكان يتابع اطلالاته الاعلامية المراقبون والمحللون وأقرانه من الأصدقاء والخصوم للاستماع الى ما في جعبته من أسرار وخفايا، كان يجمعها اما من مطالعاته ومتابعته لمصادر الأخبار في العالم، واما لارتباطه ببعض أجهزة المخابرات التي كانت تزوده بمعلومات تجد من مصلحتها نشرها!

الضجة التي ثارت بعد قرار المحكمة العسكرية باخلاء السبيل المشروط للوزير السابق ميشال سماحة، نرى ببساطة أنها في غير محلها، بل هي نوع من التكريم له لم يعد يستحقه! وهو بعد كل ما ورط نفسه فيه في شؤون ليست من اختصاصه، فإنه لم يعد يمثل شيئاً ولا حتى نفسه، لا سياسياً ولا على أي صعيد آخر. ولو كان ميشال سماحة لا يزال يحتفظ بشيء من توازنه العقلي والفكري والنفسي لكان القرار الوحيد الذي اتخذه هو السكون والاسترخاء واحتضان عائلته، والنأي بنفسه وبها عن الأضواء والمشاكل والمغامرات البائسة الأخرى. ولعل الدور الوحيد الذي يليق به بعض الآن، ليس استئناف مسيرته السياسية كما يتوهم، وانما في وعظ الناس والشبيبة في كيفية عدم التورط بما لا يليق بوطنيتهم وسمعتهم وذلك في ضوء تجربته المريرة، وتحذيرهم من الغفلة ومن التورط والوقوع في شباك محترفي الصيد والمكائد!

كان ميشال سماحة رجلاً محترماً عندما كان يدافع عن قضية بالعقل والحوار، بصرف النظر عن الاتفاق معه في وجهات نظره أو الاختلاف معها. وكسياسي فقد مصداقيته مع القبض عليه في حالة تلبس في جرم أمني. ويدافع سماحة عن نفسه بالقول انه تم استدراجه للوقوع في مؤامرة وهذا عذر أقبح من ذنب ويدينه مرتين: الأولى بالتورط في الانزلاق ب النضال في ميدان غير ميدانه. والثانية بالغفلة والسذاجة والوقوع تحت تأثير مَن كان أكثر منه ذكاء! واذا كان سماحة سيعود الى العمل والسياسة، فمن سيستمع الى سياسي كان على هذه الدرجة من التصرف السياسي والأمني؟ هذا سياسي انتهى ولا يستحق أن يُقطع له زاروب صغير في أصغر قرية للاحتجاج على اطلاق سراحه!