Site icon IMLebanon

ميشال سماحة أو «الممانع الكامل»

حزب، كـ»حزب الله»، ينصّب نفسه، حامياً للقضاء، على خلفية فضيحة إخلاء سبيل «المفكر – المفجّر» ميشال سماحة. والشبيحة في الطرق يزهون بصور ميشال سماحة وبشار الأسد.

«حزب الله» تعنيه في كل القضية هيبة القضاء. كقيمة في حدّ ذاتها. وكوكبة الممانعين يتأوّلون الموقف من ميشال سماحة بحسب جدول «القيم» أيضاً. 

فهذا يعتبر أن سماحة يجسّد قيمة «الوفاء» والتفاني: الإستعداد لتنفيذ أي شيء يطلبه منه «علي والرئيس»، ويُسجَن أربع سنوات لقاء هذا. وذاك يعتبر سماحة خان الأمانة، ولم يخبره بالمتفجرات في السيارة التي نقلتهما سوية. وثالث يعتبر أن سماحة أخطأ لأنه لم يلجم لسانه، وأورد اسم اللواء علي مملوك، الذي هو عنده «قيمة في ذاتها». 

أيام قليلة ويخرج علينا من يتأوّل محنة سماحة أيضاً على أنها محنة مناضل أراد محاربة الإرهاب بالإرهاب، وقطع الطريق أمام «داعش« و«النصرة«. 

الممانعة تناقش قضية سماحة من زاوية أخلاقية – هزلية. تتعاطى مع القيم كمسألة هزلية. فإما أن سماحة قيمة في ذاتها، وهي الوفاء «ع العمياني» لمالكه بشار الأسد ولعلي مملوك، وإما أنه لم يفِ الوفاء حقه لما أفشى في التحقيق ما أفشى، وإما أنه مناضل عقائدي، أراد تخليصنا من الشرَ بالشرَ تمكيناً للخير، وإما أنّ العبرة المعتبرة من كل هذا هو اختبار الموقف من القضاء، وضرورة احترام الحكم كما هو، وهذا موقف «الحزب». فعلاً، إنّها لتعددية حيوية في معشر الممانعة، حفّزتها تخلية السبيل. 

ميشال سماحة هو منظومة الممانعة مكثّفة. هو التجسيد الفكري والرمزي لها، سحنتها ومنطقها ومنطوقها. الجرأة على أن تكون ممانعاً تعني اليوم الجرأة على أن تُخرج ميشال سماحة الذي في صدرك، في قلبك، في رأسك، وتشهره كهوية كفاحية، كدليل عمل. بما أن القضية لم تدمج في ملفات المحكمة الدولية على ما يبدو، من الممكن أن يتساهل رأس النظام البعثي مع عبارة «علي والرئيس». لأن هذا يعني أنه سيلاقي لسماحة مشغلة أخرى. 

هذا الشخص، بحبه للديكتاتورية الأسدية، لنظرية المؤامرة، للوصل بين أجهزة الاستخبارات الممانعة منها والغربية، بلاساميته واسلاموفوبيته، هو «الممانع الكامل»، على طريقة «الإنسان الكامل» لدى الصوفية. لو قدّرت له الاطلالة الاعلامية في الأيام المقبلة، فمن المرجح أن يستخدم كلمة «ايمان» وعبارة «أنا رجل عقائدي» مئة مرة.

حتى «حزب الله» لا يمكن أن يصل فيه زعيم أو نفر لمرتبة «الممانع الكامل» التي يجسّدها ميشال سماحة. حتى بشار الأسد. الحزب لا يؤمن جدياً بحلف الأقليات. يؤمن بجماعته المهدوية الخمينية الأحادية هو، يؤمن بجماعته كامتداد لدولة ذات طابع امبراطوري. بشار الأسد كذلك الأمر، يستخدم «حلف الأقليات» بمقدار ما يؤمن له عديداً ومدداً. أما سماحة فـ «هو» حلف الأقليات نفسه، الاسلاموفوبي، اللاسامي، المهووس بالترويج للديكتاتورية الأسدية كحامية الحضارة في وجه الهمجية. 

إخلاء سبيل ميشال سماحة فضيحة بكل المقاييس. الفضيحة الأكبر هي تداول الممانعة هذا الإخلاء من زاوية الاستدلال فيه على مدى مطابقة سماحة لقيمة الوفاء. 

العمل من أجل إعادة محاكمة سماحة، من أجل تصحيح خطأ إحالته الى العسكرية وإحالة الملف الى المجلس العدلي، من أجل حلّ جذري لمسألة المحكمة العسكرية، كل هذا في أمر اليوم. لكن كل هذا يستوجب نضالاً ثقافياً موازياً ضد الظاهرة. ظاهرة تتجاوز بعدها الجرمي. كل الذهنية التخوينية للآخرين، التي تؤبلس انتفاضات الشعوب لدواعٍ اسلاموفوبية، المبهورة بديكتاتورية كنظام آل الأسد، المحابية لحزب مسلح كـ «حزب الله»، المدمنة على نظرية المؤامرة ومروّجيها في الشرق والغرب، التي تسوّق البضاعة اللاسامية الكاسدة وتعادي الفلسطينيين بحجة الصراع العربي ـ الاسرائيلي، كل هذه الذهنية هي ميشال سماحة. وهذه لم يُطلق سراحها بالأمس. لم تُحبس أصلاً.