ثمة قاتل نفذ جريمته، وآخر حالت ظروف دون التنفيذ فأعاقت خططه، كلاهما واحد، ما دامت النية الجرمية واحدة. ثمة قاتل آخر دفاعا عن النفس وقتله مبرر، وثمة قاتل لإشباع أولاده الجياع، وفعله ربما حلال. ولكنْ ثمة قاتل وخائن لوطنه وشعبه وناسه خدمة لنظام قاتل لم يتوان يوما عن تفجير الوطنيين واغتيالهم وسجنهم، لأنهم قاوموا أو اعترضوا على وصايته وفرض سلطته وارادته، هذه حال ميشال سماحة. مجرم مع وقف التنفيذ، وخائن وعميل. واطلاقه لا يعني شيئا، اي انه لا يبرئه، ولا يعيد اليه كرامته التي داسها، فميشال سماحة مجرم ومحكوم عليه بالسجن أربع سنوات ونصف سنة.
أما قوله إنه عائد الى ممارسة حياته السياسية في شكل عادي، فهو نوع من العجرفة التي عرف بها على الدوام. ففي القانون بات سجله العدلي غير نظيف، وتالياً لا يمكنه ممارسة الحياة السياسية الطبيعية. اما في المفهوم السياسي غير الرسمي عبر نيابة أو وزارة، فإنه وقع وصار ورقة محترقة لا حاجة إليها لدى النظام السوري أولاً، ولدى حلفاء الامس في الداخل ثانيا، وحال العميد المتقاعد فايز كرم ماثلة امامنا، اذ أبعد وأقصي، وجنراله لم يعد يستقبله. واذا كان اللواء جميل السيد اعلن قطع علاقته بميشال سماحة، فمن يجرؤ من رموز النظام السوري على احتضانه وتبنيه؟ إذاً حتى في الحياة السياسية، لن يكون له مكان.
والى الاشرفية، اشرفية البشير وجبران وكل شهداء المقاومة اللبنانية، فلا مكان لامثال ميشال سماحة فيها، الا اذا لزم منزله ولم يسلم على جار، فناس الاشرفية يخجلون من مصافحته، والجيران يتمنون لو يرحل من البناية والحي، يخافونه أيضاً، لانهم لا يعرفون متى يستفيق فيه المجرم ثانية، فيؤذيهم بقصد أو من غير قصد.
وفي طائفته، كان محيراً مشهد الكاهن الذي يرش البيت بالمياه المقدسة لطرد الروح الشريرة، من غير أن يجرؤ على طرد سماحة نفسه. ذلك الكاهن لم يكن يشهد للحق ما دام صاحب البيت لم يعترف ولم يتلُ فعل الندامة. وفي السياسة، لا مكان له داخل الطائفة الكريمة، فمعظم سياسييها يمثلون الخط القويم في الشأن العام، او انهم التزموا على الدوام الحد الادنى من الثبات في الوطنية.
أما بعد، سواء عاد الى السجن أو لم يعد، فإن ميشال سماحة صار سجين افكاره واجرامه وخيانته، وسجين ناسه وحيّه ووطنه. واذا أراد البعض، ومنهم رئيس كتلة نيابية، ان يدافع عنه، فليبنّه سياسياً وجغرافياً أيضاً، وليدفع له أكثر من كفالة المئة والخمسين مليون ليرة، وليدفع له أيضاً ثمن شقة ينتقل اليها فيكون أقرب اليه قلباً وقالباً. واما الدفاع عنه شكلاً وتوجيه اهانة الى الآخرين لأنهم هاجموا قرار اطلاقه، فلا يعدو كونه مزايدة سياسية مكشوفة لا تغني ولا تسمن.