لا يزال العهد متمسكاً بتحالفه الاستراتيحي مع “حزب الله” على رغم كل الخضّات التي تحصل والتباعد في المواقف، والذي وصل إلى حدّ قول البعض أن اتفاق “مار مخايل” قد سقط.
تقسم العهود الرئاسية في لبنان بعد انتهاء الحرب الأهلية إلى قسمين، الأول خلال فترة الاحتلال السوري حيث سكن بعبدا كل من الرئيس الياس الهراوي وتلاه الرئيس إميل لحود.
أما بعد انسحاب جيش الاحتلال السوري العام 2005 فشهد لبنان على ولاية الرئيس ميشال سليمان ومن ثم انتخب عون رئيساً بعد 29 شهراً من الفراغ الرئاسي. لا شك أن لكل عهد ميزاته، لكن يُجمع الشعب على أن عهد عون هو من أسوأ العهود، فكل المخزون المالي والنمو الذي حصل سابقاً وخصوصاً في عهد سليمان صرف بفضل تعطيل عون و”حزب الله” الانتخابات الرئاسية، من ثم وقع الانهيار الكبير في العهد الحالي.
وإذا كان عون لا يتحمل وحده مسؤولية الفجوة المالية الكبرى والفساد الذي ينخر أساسات الدولة، إلا أن مسؤوليته الكبيرة هي في دخوله شريكاً قوياً في المنظومة بعدما كان رفع شعار الإصلاح والتغيير.
لكن الكارثة الكبيرة التي أوقع عون البلاد فيها هي تغطيته مشروع الدويلة وتمدد “حزب الله” في المنطقة وضرب علاقات لبنان بالدول العربية عموماً والخليجية خصوصاً.
لا شك أن عون وصهره رئيس”التيار الوطني الحر” النائب جبران باسيل مجروحان من سلوك “حزب الله” في تعطيل عمل الحكومة، وكذلك بالنسبة إلى الطعن في المجلس الدستوري، لكن هذا الجرح لم يصل إلى حد فك الارتباط مع الحزب وضرب التحالف.
عندما انتخب سليمان رئيساً للجمهورية في 25 أيار 2008، كانت البلاد خارجة من أحداث 7 أيار وكان “حزب الله” منتصراً في المعادلة الإقليمية في “حرب تموز” ومن ثم في اتفاق الدوحة، وعلى رغم ذلك لم يقل يوماً أن رئاسة الجمهورية خاضعة لسيطرة “حزب الله”، ولم تضرب علاقات لبنان بالعرب بل على العكس شهد عهد سليمان تدفقاً للأموال الخليحية والعربية.
وعلى رغم الخضّات والانقلاب على حكومة الرئيس سعد الحريري استطاع سليمان في عهده إقرار مبدأ “النأي بالنفس” وتبنّى المجتمع الدولي “إعلان بعبدا” الذي أصبح وثيقة لإنقاذ لبنان من الغرق في سياسة المحاور.
ظنّ اللبنانيون أن عون سينتفض في الأشهر الأخيرة من عهده على تصرفات “حزب الله” وهيمنته، وعلى رغم انتقاده الخجول لبعض تصرفات الحزب إلا أنه لم يتجرّأ على قول ما قاله سليمان منذ أواخر 2013، إذ أن عون شدّد على مصطلح شعب وجيش ومقاومة في سياق دعوته إلى الحوار حول الاستراتيجية الدفاعية في حين أن سليمان نسف من الكسليك هذه المعادلة معتبراً أنها ثلاثية خشبية.
دار عون حول القشور ولم يطرح لبّ المشكلة وهو وإن دعا إلى تطبيق الدستور ووثيقة الوفاق الوطني إلا أن أهم بند في الدستور هو السيادة وحصر السلاح بيد الدولة، أي تسليم “حزب الله” سلاحه، وبالتالي كل دعوة من عون لا تصل إلى هذا الحدّ لا تعالج مشكلة لبنان الحقيقية، لذلك فإن كل تلطيشات عون حول السلاح والاستراتيجية الدفاعية ليست سوى شدّ عصب من رئيس غطىّ وتياره كل تصرفات الحزب لدرجة أنه كرّس في عهده سيطرة الدويلة على الدولة.