IMLebanon

«ميشال سليمان» آخر رئيس ماروني لـ«لبنان الكبير»..

ما يمر به »لبنان الكبير« بحدوده المعترف بها دولياً منذ عام ١٩٢٠، من »أزمة مصير« يمكن القول أنها »الأخطر« منذ ولادته في ٣١-٨-١٩٢٠، والاحتفال بهذا »الحدث التاريخي« في »قصر الصنوبر« بيروت في ١-٩-١٩٢٠ بحضور البطريرك الماروني »إلياس الحويك« ومفتي بيروت: العلامة الشيخ »مصطفى نجا«..

وهي »الأخطر« بعد »معركة الإستقلال ١٩٤٣، وولادة الدستور اللبناني الوطني المعدّل عن دستور ١٩٢٦، وإعلان »الميثاق الوطني« الشفهي ١٩٤٣ – ١٩٤٤ الذي تكرّس بخطب »الرئاسة الأولى« و»الثالثة« آنذاك في أكثر من مرة، وأكثر من مناسبة، والذي تجدد في »الاعلان الدستوري« الصادر في ٢١-٩-١٩٩٠، الذي عُدّل به دستور ١٩٤٣ بموجبه، والمكمل في »إعلان بعبدا« ٢٠١٢.. والتي أكدت كلها على »عروبة لبنان« هوية وانتماء، وأن يكون »وطناً نهائياً« لجميع أبنائه بلا »أهواء إيديولوجية«..

إن ما يمر به اليوم »لبنان الكبير« هو »تغيب نهائي« لـ»وطن« في »محرقة« صراع بقاء بين »إيدلوجيات« بعيدة عن »الوطنية الجامعة«، و»الهوية والانتماء العربي«! غاياتها فرض »الأمر الواقع« على كل اللبنانيين، بعد »اختطاف« هؤلاء »اللبنانيين الطيبين« وجعلهم »رهائن« عبر »تهميشهم« »خطوة خطوة« بواسطة »الموت البطيء«.. إنه »الإستبداد السياسي«.. أو »فرض الإرادات«، و»إلغاء الآخر« بـ»متلازمة الغطرسة«.. والتضحية في النهاية بـ»لبنان الدولة«.. »لبنان الإستقلال«، »لبنان الميثاقية الوطنية«.. »لبنان الكبير« لصالح »لبنان الفيدرالي اللاعروبي« بعدما عبدت له الطرق بهذا المصير المجهول »لعبة النأي بالنفس« و»إنقلاب ١٨-٢-٢٠١٣ السياسي«. كل ذلك كان غايته »تغييب الدولة التي هي وحدة قانونية دائمة تتضمن وجود هيئة اجتماعية لها حق ممارسة سلطات قانونية معينة في مواجهة أمة مستقرة على اقليم محدّد وتباشر الدولة حقوق السيادة بإرادتها المنفردة عن طريق استخدام القوة التي تحتكرها للحفاظ على كيان هذه الأمة وإدارة شؤونها ومصالحها العامة حيث تقوم »قوى فعلية« تفتقر إلى »الشرعية« في الضغط لمشاركة »السلطة العليا« في اتخاذ »القرار النهائي« لـ»الدولة«.. وفي هذه الحالة تكون »الدولة« هنا »ناقصة السيادة« لأنها لا تستطيع أن تُـمارس »القرار النهائي« للحفاظ على سيادتها منفردة كـ»سلطة سياسية مركزية« لأن »كيانات« – أو »قوى فعلية« فيها أصبحت تشاركها هذا القرار.. لذلك يرتعش الأمن فيها، وتُحل »الفوضى« مكان »القانون«؛ وتصبح عندها »الدولة« كيان اجتماعي لا حول له ولا قوة.. كما كان أمر »الدولة اللبنانية« ما بين ١٩٦٩ – ١٩٨٩ والتي كاد استقلالها يضيع لولا »تجدد« – الميثاق الوطني – في »اتفاق الطائف« الذي كُرِّس بـ»الإعلان الدستوري« الصادر في ٢١-٩-١٩٩٠ والذي أعاد »لبنان الكبير« إلى »سويته السياسية«.

ثم عاد »الإستقلال« ليهتز مجدداً ما بين ٢٠٠٥ – ٢٠٠٨ لولا »حكمة« الجيش اللبناني وعلى رأسه »العماد ميشال سليمان« قائد الجيش آنذاك، والذي صان لبنان »الدولة«، و»الوطن« من »التمزق الداخلي« و»آثار« »العدوان الإسرائيلي«، و»فتنة الإرهاب المعَوْلم« ٢٠٠٧، و»الأحداث المؤلمة« أيار ٢٠٠٨. فكان في هذه »المحن الكبرى« عنوان »المؤسسة الوطنية« في »موقع المسؤولية« في »الظروف الاستثنائية« لذلك كان خيار »لبنان الواحد« ليكون قائد الجيش هو »الرئيس التوافقي« ليُحافظ على »لبنان الكبير« كـ»رئيس« بعدما حافظ عليه كـ»قائد للجيش«.

لذلك فإن »لبنان الكبير« الذي صانته »الرئاسة الأولى« من ٢٠٠٨ إلى ٢٥-٥-٢٠١٤ ومنعت عنه التفتت، إن هذا الـ»لبنان« وهو يقف الآن على مفترق الطرق، وهو في عين عاصفة »المتغيرات الإقليمية« ونوّات »التوازنات الدولية« في أن يُحافظ على إستقلاله بحدوده الجغرافية المعترف بها دولياً. وإما أن يُصبح مجرد »كيان إجتماعي« لا حول له ولا قوة..

وهذا ما يقتضي وجود »قادة سياسيين وطنيين« بكل معنى الكلمة، قادة شجعان في »مواقع المسؤولية«، لا »ترتعش أيدهم« في اتخاذ القرارات وتحمل المسؤولية، »رجال« – على مستوى بقاء »الوطن« و»الإستقلال« و»دولة القانون – ولا يهابُون اتخاذ قرار، ولا يعملون الملآءمات والمواءمات السياسية والأدبية على حساب أمن »الوطن والمواطن«، ولا يلجؤون إلى إرجاع كل شيء إلى منطق »أنا أو لا أحد«! خصوصاً بعد التطورات الدراماتيكية في المنطقة التي تتغير كتغير »الالكترون«..!

وعلى أي حال، وفي مصالح خفية تقوم »الأيدي الخفية« – في الداخل والخارج – باستدراج اللبنانيين اليها.. ووسط خضم هذه المعضلة المعقّدة ضاعت الحقيقة و»غيّب لبنان الكبير« في متاهات أزمات »الأنا« المتلاحقة، والمعالجات العبثية لهذه »الأزمات العبثية«..! في اطار معالجة الفشل بمزيد من الفشل، في زمن »الحقيقة التائهة«، أو الزمان الذي ضنّ على »لبنان الكبير« منذ »إنقلاب ١٨-٢-٢٠١٣ بقادة سياسيين وطنيين، يعملون مع »الرئاسة الأولى« لانقاذ »لبنان الكبير« من »ربطه« بالأزمات »الجوارية«، أو »الإقليمية« من حوله، يصدق فيهم ما قاله المفكر العربي السياسي »عبد الرحمن الكواكبي« (الولادة في حلب ١٨٤٩ – الوفاة في القاهرة ١٩٠٢).

مابالُ الزمان يضُنّ علينا برِجالٍ يُنَبِهُونَ النَاسَ، ويرفعون الإلتباس، ويُفكرون بِعزمٍ، ولا ينفكّون حتى يَنَالوا ما يقْصِدون«..!

من هنا وبعد هذا كله، أو بعض ذلك كله، فإن السؤال الكبير الذي يُطرح وهو بحجم »لبنان الكبير« خصوصاً بعد ربط مصير هذا الـ»لبنان الكبير« بظهور – أو بيان – »الخيط الروسي«، من »الخيط الأميركي« في »المسألة السورية« المعقّدة، وبعد تداخلها بقضية »الإرهاب المَوْلم العابر للقارات« الذي لا وطن له، ولا هوية..

وبعدما تاه »لبنان الكبير »في إفرازات »لعبة النأي بالنفس«.. والحديث عن »مؤتمر تأسيسي«، و»لبنان فيدرالي لا عروبي«..

إن السؤال هو: هل كان »العماد ميشال سليمان« آخر رئيس ماروني لـ»لبنان الكبير«..؟

قد يكون الجواب للأسف مع تراكم هذه التطورات الدراماتيكية »نعم«..