Site icon IMLebanon

قراءة في وجهة النظر الجيوستراتيجية لفريق عمل بادين تجاه الشرق الأوسط

 

مع وصول بايدن الى المكتب البيضاوي في البيت الأبيض، بدأ الحديث عن السياسة الخارجية للرئيس الأمريكي الجديد وإتجهت الأنظار الى فريق عمله، الذي يعكس بوصلة وتوجهات سيد البيت الأبيض .

 

يتضح أن فريق عمل بادين تشكل بغالبيته من فريق العمل الذي واكب الرئيس السابق باراك أوباما، حتى أن البعض أطلق على ولاية بايدن بأنها الولاية الثالثة لأوباما، وبالعودة الى فريق العمل المواكب لبايدن فهو مؤلف من أشخاص سبق ودفعوا بإتجاه الحرب في أفغانستان، كما ساهم هذا الفريق في إتخاذ قرار إجتياح العراق ناهيك عن التدخل في كل من ليبيا وسوريا، فهو بالحالة هذه فريق له طابع حربي بخلاف فريق عمل الرئيس الأسبق ترامب الذي كان ذو نزعة حربية كلامية فقط .

 

كان يؤخذ على ترامب طبيعة علاقته مع روسيا، وبعد إستلام بايدن فإن أولى مهمات فريقه هو التصعيد ضد روسيا والضغط عليها في حدودها الشرقية المتمثلة بمنطقة القوقاز، ولأجل ذلك بدأت العلاقات الأميريكة – الأوروبية تتحسن واصبحت في مرحلة التناغم بعد الجفاء الذي سادها طيلة فترة ولاية ترامب .

 

وتدخل تركيا ضمن الإهتمام الأمريكي، خاصة بعد قيام أردوغان بتخطي خطوط حمر أمريكية، متمثلة بالعلاقة مع روسيا ( ملف الصواريخ الروسية) و مسألة قيام المصارف التركية بالإلتفاف على العقوبات الأميركية على إيران بضغط من نجم الدين بلال، ولأجل ذلك فإن فريق عمل بايدن سيقوم بالضغط على أردوغان عبر دعم المعارضة التركية المتمثلة بالثلاثي : حزب الشعوب – جماعة فتح الله غولان وحزب الشعب الجمهوري، وهنا قد يكون رئيس بلدية إسطنبول إمام أوغلو الأوفر حظاً لتلقي الدعم الأمريكي، بسبب ضعف رجل أمريكا الأول أحمد داوود اوغلو المنشق عن أردوغان، وهنا يتبدى الضغط التركي في كل من سوريا والعراق، خاصة بعد الحديث عن تجدد الدعم الأمريكي لقوات سوريا الديمقراطية، وهو الأمر الذي يعيد ما سبق الحديث عنه وهو وجود خطط لمنطقة شرق الأناضول وضمها الى شمال العراق ومنطقة مهاباد في إيران لإقامة نوع من ممر من مرسين بإتجاه القوقاز ولما لا البحث في إقامة كيان كردي مستقل .

 

ويشكل العراق ساحة بارزة لخطط فريق عمل الرئيس بايدن، خاصة أنه – أي الرئيس – كان شديد الحماسة لتقسيم العراق أو طرح الفدرالية، والأكيد أن بايدن سيقوم بدعم رئيس الحكومة مصطفى الكاظمي في مواجهة الأحزاب الموالية لإيران، مع توقع مزيد من التظاهرات وأعمال العنف على وقع المفاوضات الأميريكة – الإيرانية والنفوذ في بلاد الرافدين .

 

اما الساحة المفتوحة لكبرى الصراعات، فهي سوريا التي تتداخل فيها المصالح الدولية وتتقاسم أراضيها عدة دول، والثابت أن الحل في سوريا بعيد المنال مع توجه أمريكي لدعم قوات سوريا الديمقراطية، والضغط لسحب التفويض من تركيا في محاولة لتحجيم الوجود الإيراني مع الأخذ بالإعتبار أن الفريق الأقوى على الساحة السورية هو روسيا الممسكة بالقرار الرسمي، وبالعودة الى الصراع المحتدم حول سوريا بدأت تباشير عودة الجماعات المسلحة، ناهيك عن الضغط الإسرائيلي المتواصل في سماء واراضي سوريا، وهنا تشكل سوريا الحجر الأساس في معادلة الشرق الأوسط، ومستقبلها سيترك تأثيراً على مستقبل باقي المنطقة .

 

إلا أن أولوية فريق عمل بايدن هي إيران وملفها النووي، ولا شك أن طريقة فريق عمل بايدن مختلفة عن نظيرتها أيام ترامب، وهنا ظهر للعلن التفاهم الأمريكي – الأوروبي حول إعادة التفاوض مع إيران، لكن الثابت أن إيران والهضبة الإيرانية تزدهر تاريخياً عندما تشكل صلة الوصل بين شرق أسيا وشرق المتوسط، وبالنظر الى ما تقدم، فإن إيران غير مستعدة للتخلي عن قوتها المتمثلة بوصولها الى شواطئ شرق المتوسط، وهي بالتالي متمسكة بحلفائها وصواريخها الدقيقة والعابرة، وإيران تعلم جيداً أنه في الوقت التي تتخلى عن كل ما سبق تكون قد خسرت قوتها وتعود الى عزلة، تمهد الى مشاكل داخلية، وهذا ما يجعل المفاوضات النووية في غاية الدقة والصعوبة، مع الإشارة الى الأهمية التاريخية والإستراتيجية لشرف الفرات في السياسة الإيرانية .

 

قد تختلف الإدارة الأمريكية لكن الثابت هو أمن إسرائيل، ومن هنا يبرز التأكيد على إستمرار بايدن في العمل على منجزات ترامب ومنها صفقة القرن .

 

أمام  منطقة الشرق الأوسط مخاض عسير، تبدأ من المفاوضات النووية مروراً بالإستحقاقات الإنتخابية في سوريا وإيران، وصولاً الى المسألة العراقية ومستقبل الأكراد، ناهيك عن دور لبنان بعد فقدانه لأسس قيام الدولة .