IMLebanon

الشرق الأوسط بين «عاصفة الحزم» و«اتفاق الإطار»

توصلت ايران والدول الست الى صياغة ما سمّي ـ«اتفاق اطار» لحل ازمة الملف النووي في الموعد المحدّد، انما وسط كمّ من الغموض والتناقض يوحي أن الكثير من التفاصيل بشأن المفاعلات النووية ونسب تخصيب اليورانيوم ما زالت غير محسومة. كما يوحي أن الاشهر الثلاثة المتبقية لإنجاز الاتفاق النهائي ستكون صعبة، تتراوح مشكلاتها بين تفاقم التصعيد العسكري من جهة وبين كثافة الحراك الديبلوماسي من جهة اخرى سعياً الى امساك كل طرف بحصّة مما أسماه الرئيس الاميركي باراك اوباما «التوازن» في المنطقة. وهو يعني بذلك توصله الى الاتفاق مع ايران من جهة ودعمه «عاصفة الحزم» التي تقودها السعودية في اليمن من جهة اخرى.

فقد أبصر «اتفاق الاطار» النور وسط خلاف واضح بين اطرافه على مفهوم رفع العقوبات التي بدأت بتطويق الجمهورية الاسلامية منذ العام 1979 لتتفاقم على مر السنوات ولتبلغ مفاعيلها السلبية ذروة غير مسبوقة مع انهيار اسعار النفط في الاشهر الاخيرة. فالادارة الاميركية تعارض تزامن رفعها مع بدء تنفيذ الاتفاق النهائي المتوقع انجازه في 30 حزيران المقبل، وتربط الرفع المتدرج بمهل زمنية يتسنّى خلالها للمنظمة الدولية التأكد من التزام ايران بتعهداتها، اضافة الى دعوة الدول الاوروبية خصوصا الى ربط الاتفاق بعودة ملزمة للعقوبات تحت الفصل السابع في حال الانتهاك. بالمقابل تجمع التصريحات الايرانية على تصوير العقوبات وقد تبخرت دفعة واحدة فور انجاز الاتفاق النهائي ما دفع بالايرانيين للاحتفال في الشوارع بصدور «اتفاق الاطار» بما يدل خصوصا على مدى معاناتهم الاقتصادية.

كما تضاربت التصريحات بشأن مضمون المفاوضات بين تأكيد اميركي وغربي بأنها بقيت محصورة بالملف النووي وبين ايحاءات ايرانية بأنها تطرقت الى قضية تقاسم النفوذ في المنطقة.

ويوحي حجم التضارب في مفاهيم «اتفاق الاطار» أن الهدف من اعلانه في موعده لم يكن ليتخطى الايحاء ان الفشل ممنوع وفق سياسي لبناني مخضرم. وهو يشبهه بـ«اتفاق اوسلو» (1993) بين الفلسطينيين والاسرائيليين، الذي انجز برعاية اميركية كاتفاق إعلان مبادئ، من دون ان ينجح منذ ذلك الحين في التقدم خطوة واحدة على طريق انجاز اتفاق نهائي.

ورغم كل الصعوبات يأمل المصدر، بـ«معجزة ما» تقود الى اتفاق نهائي لان ذلك يساهم بنظره في ارساء الاستقرار في المنطقة. فعودة ايران، المنبوذة دوليا منذ عقود، الى حضن الشرعية الدولية يستدعي حكما عودتها لتكون دولة كسائر الدول لا تتمحور سياساتها الاقليمية حول مفهوم تصدير الثورة الاسلامية بما زعزع امن المنطقة من العراق مرورا بسوريا ولبنان وصولا اخيرا الى اليمن. كما يرجح أن يساهم ذلك في تعزيز اوضاع المعتدلين بما يفتح نوافذ لملاقاة سائر المعتدلين في الاقليم. 

وعكس الخشية من عودة ايران الى داخل حدودها الجغرافية اعلان الأمين العام لـ«حزب الله» حسن نصر الله مؤخرا ان الاتفاق لن يكون على حساب حلفاء ايران بل سيعزز قوتها في المنطقة. وقد اتى اعلانه في حديث تلفزيوني جدد فيه هجومه على المملكة العربية السعودية التي صمتت ايران عن تدخلها في اليمن وتركت الامر بيد اتباعها في لبنان او سوريا او العراق.

وفيما تواصل «عاصفة الحزم» استهداف «الحوثيين» اتباع ايران في اليمن خصوصا من الجو بانتظار تطورات قد تجعل التدخل البري ضروريا، تتكثف على ما يبدو التحركات الديبلوماسية لتسويق مبادرات لحل ازمة اليمن حالياً، من زيارة ولي ولي العهد السعودي الامير محمد بن نايف لتركيا عشية توجه رئيسها رجب طيب اردوغان الى طهران، الى وصول وزير الخارجية الايراني محمد جواد ظريف الى سلطنة عمان باعتبارها الدولة الخليجية الوحيدة خارج «عاصفة الحزم» ومنها الى اسلام اباد الداعمة لحماية الشعب اليمني، فيما يجول حاليا على القيادات اللبنانية الموفد الرئاسي الايراني مرتضى سرمدي.