Site icon IMLebanon

نتنياهو حدّد هدف الحرب قيام “شرق أوسط” بين “النعمة والنقمة” رسم خارطة المنطقة بدأ عام 1916 … ويستمرّ لتظهر “إسرائيل الكبرى” 

 

وقف رئيس حكومة العدو الاسرائيلي بنيامين نتنياهو من على منبر الامم المتحدة، ليعلن الانتصار على محور المقاومة وعلى رأسه ايران، التي تحداها بانه يستطيع الوصول الى اي هدف فيها اذا تحركت ضد “اسرائيل” واستمرت في دعم المقاومة. وقد فعل ذلك باغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس اسماعيل هنية في طهران، وقصف القنصلية في دمشق التي كان في ضيافتها، فاوصل رسالة لها ولحلفائها بان يد “اسرائيل” قوية، وذكر نتنياهو ان “امن اسرائيل” واسع جدا، وان اهتز في عملية طوفان الاقصى في 7 تشرين الاول من العام الماضي، لكن العدو الاسرائيلي استعاد المبادرة في غزة التي دمرها، وهو يقوم في لبنان ما فعله في القطاع، فلن تكون مقاومة تمنع “اسرائيل” من البقاء والوجود، كما قال نتنياهو امام الجمعية العامة للامم المتحدة.

 

وظهر رئيس حكومة العدو راسما للمنطقة خارطة جديدة، وهو الذي اعلن بان الحرب على غزة ومن ثم على لبنان، وسيكملها على باقي محور المقاومة، لاقامة “شرق اوسط” ينقسم بين شعارين “النعمة والنقمة” كما قال في كلمته بالامم المتحدة، ما ظهّر خارطة تمتد فيها خطوط الانابيب وطرق التجارة والموانىء من الهند الى حيفا، وفي الخارطة الثانية تظهر دول محور المقاومة متشحة باللون الاسود، وهي المنطقة التي سيسود فيها الفقر والتخلف والحروب الخ…

 

لقد حدد نتانياهو هدفا استراتيجيا لحربه وهو اقامة “شرق اوسط” جديد، الذي ابتدعه الرئيس “الاسرائيلي” شيمون بيريز، وسبق للرئيس الاميركي جورج بوش الابن ان سماه “الشرق الاوسط الكبير”، وخاض مع العدو الاسرائيلي في صيف 2006 الحرب على حزب الله تحت هذا العنوان، الذي كان بوش بالتعاون مع الرئيس الفرنسي الاسبق جاك شيراك اصدرا في مجلس الامن الدولي مطلع تموز 2004 القرار 1559، الذي نشر الفوضى في لبنان وتسبب بالدم والفتنة في لبنان، الذي تمكنت المقاومة فيه من كسر المشروع الاميركي – الصهيوني لهذا الشرق الاوسط، الذي بدأ من لبنان وما زال مستمرا، وعاد وظهر في ما سمي “ثورة 17 تشرين الاول” عام 2019، التي كانت شعاراتها محاربة الفساد وضد السلطة الحاكمة، لكنها صوبت على سلاح المقاومة من بعض مجموعاتها.

 

فلما لم يتمكن منه المشروع الاميركي الذي تتكرر صياغته وفق الظروف الاقليمية والدولية، فكان يتقدم احيانا ويتراجع او ينهزم احيانا، وفق قراءة مرجع مطلع على مشاريع اميركا للمنطقة والتي تظهر بعناوين مختلفة، لكن يبقى هدفها الاساسي الحفاظ على وجود الكيان الصهيوني الغاصب، الذي زرعه الاستعمار في المنطقة، وحافظت على بقائه كل الادارات الاميركية سواء الديموقراطية او الجمهورية، باعتبار ان “اسرائيل” هي الشرطي الذي يحافظ على مصالح اميركا، ويمثل النموذج لدولة ديموقراطية في منطقة متخلفة وانظمة استبدادية، وهذا ما اعاد طرحه نتنياهو امام الامم المتحدة، وسبق له وقاله امام الكونغرس الاميركي بان “اسرائيل” هي خط الدفاع الاول عن الدول الديموقراطية في وجه دولة الشر ايران، التي انشأت لها فروعا في لبنان والعراق وفلسطين وبعدهما في اليمن، وان سوريا هي من محور المقاومة التي دافعت ايران ومعها حزب الله لمنع سقوط نظامها، والتحول من دولة تساند وتدعم المقاومة ومعبرا لسلاحها، الى نظام يسير في ركب الدول التي طبّعت مع العدو الاسرائيلي، لكنها لم تفعل بالرغم من كل الاغراءات التي اعطيت لسوريا، التي رفضت ان تكون خارج محور المقاومة.

 

فالحرب التي ارادها نتنياهو واسعة، والتي بررها بانها للحفاظ على “امن اسرائيل” وسكانها وانهاء المقاومة، فانه اعطاها بعدا استراتيجيا وهو الخروج من هذه الحرب نحو السلام والازدهار والتقدم، وما اسماه بالنعمة التي اعطى نموذجا لها ما يجري مع الدول التي سارت “باتفاق ابراهام”، الذي يعني ” الاخوة الاسلامية – اليهودية” كما فسره رئيس حكومة العدو، والذي على اساسه استند الرئيس الاميركي الاسبق جيمي كارتر في الوصول الى “اتفاق كامب دايفيد” عام 1978 بين “اسرائيل” والنظام المصري برئاسة انور السادات، الذي كان اخبر كارتر ان اليهودية والاسلام اخوة، وهم من نسل ابراهيم الذي انجب اسماعيل واسحق، فكانت “السامية” التي كل من يخرج ليدين اجرام العدو الاسرائيلي، وتوسع احتلاله وبناء مستوطناته في فلسطين، يتهم من الصهاينة بانه معاد “للسامية”.

 

فمن لبنان وقبله غزة، يعمل العدو الاسرائيلي على رسم خارطة “الشرق الاوسط” التي تولد منها “اسرائيل الكبرى”، والتي تعجل بعودة “المسيح المنتظر”، حيث يلاقي هذا الطرح تأييدا من الذين حرفوا المسيحية فتمت “صهينتها”.

 

فهذا المشروع القديم – الجديد بدأ في “سايكس – بيكو” عام 1916، ثم في وعد بلفور 1917 فتكرس الكيان الصهيوني عام 1948، وتوسع باحتلال اراض عربية عام 1967 وهو يعتبرها “اراضي اسرائيل” لا سيما الضفة الغربية، وسعى عام 1980 مع برنارد لويس الى خارطة تقسم فيها المنطقة التي ترسمها الحرب الحالية.