IMLebanon

الشرق الأوسط أوسط في الأولويات الأميركية

انتخابات الرئاسة الأميركية هي الشغل الشاغل للعالم، وبالأخص للشعب الأميركي. إن ظاهرة دونالد ترامب في الانتخابات التمهيدية للجمهوريين تشغل قيادة الحزب كونه غير تقليدي، ويلعب دور المخرّب لاستراتيجيا عودتهم إلى البيت الأبيض. كذلك يشغل برني ساندرس، لكن بدرجة أدنى، بال الديموقراطيين. يؤيد كل من المرشحين لتمثيل حزبيهما في معركة الرئاسة الناقمون على إدارة الحزبين وخاصة التشنج بين الحزبين المعطل لأخذ القرار في واشنطن. من دون شك أن العدد الكبير من الأميركيين المستائين والمغتاظين مما يعتقدونه انعدام فعالية الإدارات الأميركية المتتالية سيترك أثره على السياسة الأميركية في المستقبل، إن وصل أحد المرشحين غير التقليديين إلى سدة الرئاسة أم لا.

لكن مراكز التفكير والأبحاث في العاصمة الأميركية تستمر في بحث القضايا السياسية الرئيسية التي تواجه واشنطن في الداخل والخارج، وإحدى هذه القضايا ما دعي «عقيدة أوباما»، ومنها ما يتعلق بسياسة الرئيس باراك أوباما الشرق أوسطية.

السؤال الذي يتردد في العاصمة الأميركية وفي المنطقة كذلك: هل لا يزال الشرق الأوسط مهماً في سياسة أميركا الخارجية؟

يأتي هذا السؤال حسب تقرير مجلة «أطلنتيك» عن «عقيدة أوباما» ومفادها أن الاكتفاء الذاتي الأميركي في الحاجة إلى الطاقة يقلل من اهتماماتها الشرق أوسطية، خاصة أن أميركا لا تستورد النفط من الشرق الأوسط، وأن إسرائيل ليست في حاجة إلى أي دعم أميركي مباشر لحماية أرضها وأمنها القومي.

غير أن الاكتفاء الذاتي بالحاجة إلى الطاقة لا يمكن أن يعني توقف الاهتمام الأميركي بالمنطقة برمتها، لأن ذلك يعني وضع اليابان وأوروبا، من ناحية الاحتياج الكبير لهذه الدول إلى الطاقة، تحت رحمة روسيا الفيدرالية، ومن ثم خسارة حليفين أساسيين في الاستراتيجيا الأميركية الدولية. لذلك، يتفق الأميركيون على أن أوباما، بالرغم من تقليل جهود إدارته واهتمامها، لم يسقط الشرق الأوسط من سلم الأولويات الأميركية، ولن يقدم الرؤساء في المستقبل على سياسة كهذه.

كذلك وبرغم أن أوباما لم يتخلّ يوماً عن دعم الدول الصديقة وخاصة دول الخليج ومساعدتها، إلا أنه يرفض الاعتماد الشامل والكامل لهذه الدول على واشنطن. ويشدد مراقبون لأوباما على أنه كان طموحاً في بداية عهده لتحقيق نجاحات مميزة في الشرق الأوسط، لكن أمله خاب تدريجياً، ثم فقده لاحقاً بعدما فشل «الربيع العربي» في أن يحقق تغييراً أساسياً في العلاقة بين الدولة والمجتمع. لذلك، فإن ما وصف بـ «عقيدة أوباما» عن المنطقة تعكس خيبة أمله وليس عدم أهمية المنطقة للولايات المتحدة.

ويشدد مؤيدو أوباما على أن ليس في استطاعة أميركا إيجاد الحلول للصراع السني ـ الشيعي المزمن، ولا للقضية الفلسطينية المستعصية، فإما أن يتفق أطراف النزاع على حلول مؤقتة أو دائمة، وواشنطن على استعداد للمساعدة، أو أن الصراع سيستمر مما يضع أميركا في حرج دائم.

يعتبر هؤلاء أيضاً ـ باستثناء إسرائيل ـ أن ليس هناك حلفاء لواشنطن في المنطقة بما للكلمة من معنى. معظم البلدان التي تسمى «الحليفة» تعتمد كلياً عليها، ولا يمكن لأميركا أن تعتمد على أي منها سياسياً أو عسكرياً. لذلك تعتبر المصالح المشتركة الكثيرة والكبيرة أساس علاقة واشنطن مع هذه الدول.

كما يقرّ المحللون ذاتهم أنه برغم أن الولايات المتحدة هي الأقوى عسكرياً واقتصادياً بأشواط عمّن يدّعي المرتبة الثانية عالمياً، إلا أن لاستعمال القوة حدوداً في حل القضايا العالقة، والمثال على ذلك نتائج الحروب الأميركية على أفغانستان والعراق وليبيا، وحروب إسرائيل على غزة، وحتى حرب السعودية على اليمن.

لهذه الأسباب وغيرها، يستمر الرئيس أوباما في سياسته الشرق أوسطية، متفادياً الأخطاء الجسيمة، ليسلّم خلفه وضعاً أمنياً غير متفجر في المنطقة، وربما بقيت مشكلة الدولة الإسلامية (داعش) في العراق للخلف بعد أن تكون الجهود العسكرية المستمرة قد أضعفت التنظيم واحتوته ومنعته من التوسع.

هذا، مع العلم أن «داعش» لا يشكل خطراً على الأمن القومي الأميركي، إنما على أفراد وجماعات أميركية وغيرها.