IMLebanon

جوهرة الشرق وسور الزبالة!

لا بدَّ من التوقف طويلاً عند كلام الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، والذي خصَّ به لبنان، وباهتمام استثنائي نادراً ما تحدثَّ بمثله من قبل رئيس أو مسؤول عربي، بل رئيس أو مسترئس أو متزعِّم لبناني.

من بعيد، ومن دون أية غاية خاصة، أطلق الرئيس السيسي ما يصلح أن يكون نداءً من أجل إنقاذ لبنان، موجهاً في الدرجة الأولى الى اللبنانيين أنفسهم، والى كبارهم ومَنْ يُفترض أنهم المسؤولون وطنياً وسياسياً ومصيرياً عن هذا اللبناني.

إنما عليهم، أولاً، أن يدركوا قيمة وطنهم “الذي يُعتبر جوهرة الشرق”، في رأي الرئيس المصري الذي أضاف: “ان الشرق في هذه المرحلة، بل دائماً وأبداً، يحتاج الى النموذج اللبناني”.

ولكن مَنْ يستطيع أن يُقنع بعض مَنْ يصنِّفونهم في مصاف المتزعمين والقادة، فضلاً عن أولئك المسترئسين في كل الأوقات والمناسبات، وبلا هوادة. وبلا أي تراجع أو تأمّلٍ في سبيل مصلحة هذا اللبنان الذي يغار عليه كثيرون من قادة العرب وقادة أوروبا.

ويذهب هذا الرئيس المحبّ للبنان الى حدّ القول والمصارحة، وربما مصارحة المسؤولين والمتلهِّين بالاسترآس واللهاث خلف المناصب والمكاسب “ان لبنان يستحق التضحية”.

ولكن مَنْ ذا الذي منهم مستعدٌّ للتضحية ولو بمنصب صغير في دائرة عاديَّة، فكيف بأولئك الذين لا يرون من لبنان الوطن، من “جوهرة الشرق”، سوى كرسي الرئاسة؟

وهل مثل هؤلاء يصغي الى دعوة “التعالي عن الحسابات الخاصة” لإنقاذ وطن؟

سيادة الرئيس السيسي، شكراً للفتتك الكريمة. وشكراً للهفتك على لبناننا الذي لا يختلف عن الأيتام على مائدة اللئام. إنما على مَنْ تقرأ مزاميرك، ودعواتك، ولهفتك، وغيرتك على النموذج اللبناني وجوهرة الشرق، والنظام اللبناني؟

ألم تصلك أخبار الذين يطالبون ويسعون الى تغيير النظام الديموقراطي البرلماني الذي نادراً ما طبِّقت نصوصه وقوانينه؟

ومع أن هذا النظام يكاد يكون أخاً للنظام الفرنسي، فإن الفاشلين في السياسة والاسترآس يحملونه المسؤولية. ويعدّونه للتغيير والتعديل. والحق ليس على النظام، بل على الذين يرفضون تطبيق النظام. ولنأخذ العبرة مما يحصل في “جوهرة الشرق” منذ سنة وسبعة أشهر. والسبب المباشر والمعروف لدى القاصي والداني واحد: المنصب الرئاسي… أنا أو لا أحد، مثلاً.

ودائماً النظام والبلد في خطر، مع تهديد غير مرئي أو معروف المصدر. من ثورة “بيضاء” الى ثورة “حمراء”، فإلى حروب قايين وهابيل، ثم حروب الآخرين، ثم حروب الكانتونات والبندقية والاسترآس دائماً.

صحيح أن الشرق يحتاج الى النموذج اللبناني، إلا أن اللبنانيّين العاديّين غارقون في همِّ الفراغ الرئاسي.

طبعاً دون إهمال همّ سور الزبالة.