كان لافتاً البيان الذي صدر عن رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، أمس، والذي أعلن فيه «التزام الحكومة إعادة العلاقات بين لبنان ودول مجلس التعاون الخليجي إلى طبيعتها»، وعلى التزام لبنان كل قرارات جامعة الدول العربية والشرعية الدولية، والتزام العمل الجدي والفعلي لمتابعة واستكمال تنفيذ مندرجاتها بما يضمن السلم الأهلي والاستقرارالوطني للبنان وتحصين وحدته». وما سبق هذا البيان من اتصال أجراه ميقاتي بوزير الخارجية الكويتية الشيخ الدكتور أحمد الناصر المحمد الصباح، ركز على استكمال الجهود لإعادة وصل ما انقطع بين لبنان والدول الخليجية، استجابة للمبادرة الكويتية . وهو ما أشارت إليه مصادر وزارية لـ«اللواء»، مشددة على أن «صدور هذا البيان الذي صيغ بعبارات بالغة الأهمية، يؤكد حرص لبنان على أفضل العلاقات مع الدول الخليجية الأربع، انطلاقاً من ضرورة إزالة كل الشوائب التي لا زالت تعتري هذه العلاقات على جميع الأصعدة»
وهذا ما أشار بيان الرئيس ميقاتي لناحية، «ضرورة وقف كل الانشطة السياسية والعسكرية والامنية والاعلامية التي تمس سيادة المملكة العربية السعودية ودول مجلس التعاون الخليجي وامنها واستقرارها والتي تنطلق من لبنان». كذلك، «التزام اتخاذ الإجراءات كافة لمنع تهريب الممنوعات وخصوصاً المخدرات إلى المملكة العربية السعودية ودول مجلس التعاون الخليجي بشكل مباشر أو غير مباشر والتشديد على كل المنافذ».
وتشدد المصادر القريبة من رئيس الحكومة، على أن «تصحيح العلاقات بين لبنان والدول الخليجية أولوية لدى الرئيس ميقاتي، وتحت هذا العنوان، يأتي الاتصال الذي أجراه الرئيس ميقاتي بوزير الخارجية الكويتية الدكتور أحمد الناصر المحمد الصباح، في سياق الاتصالات المستمرة مع المسؤولين الكويتيين، من أجل استكمال الوساطة المستمرة التي تقوم بها الكويت، لتجاوز الأزمة اللبنانية مع الخليج، وحتى تستعيد العلاقات اللبنانية الخليجية عافيتها» . ويأتي في هذا السياق، تأكيد وزير الداخلية والبلديات القاضي بسام المولوي، أن «لا خلاص للبنان سوى بوقوف الأشقاء العرب إلى جانبه ومساعدته»، مضيفاً أن «وزارة الداخلية اتخذت كل الإجراءات لمنع تصدير الأذى للدول العربية».
وتشير المعلومات المتوافرة لـ«اللواء»، إلى أن موقف رئيس مجلس الوزراء البالغ الدلالات، معطوفاً على الاتصال الذي سبقه برئيس الدبلوماسية الكويتية، يؤشر إلى إمكانية حصول تطور إيجابي محتمل على صعيد العلاقات اللبنانية الخليجية، توازياً مع تسريبات عن احتمال عودة سفير خادم الحرمين الشريفين لدى لبنان وليد البخاري إلى بيروت، لمزاولة نشاطه مع اقتراب موعد الانتخابات النيابية في الخامس عشر من أيار المقبل، في حين كانت لافتة تغريدة السفير البخاري التي أطلقها أمس، والتي قد تصب في هذا الإطار، دون حصول أي تأكيد سعودي على ذلك .
وعلى المقلب الآخر، تسير الأزمة القضائية المصرفية إلى مزيد من التعقيد المفتوح على كل الاحتمالات، مع الإضراب التحذيري للمصارف الذي أعلنته، أمس واليوم، رفضاً للحملات التي تستهدفها من قبل القاضية غادة عون، في حين نقل عن مصادر مصرفية، أن «معالجات الحكومة قاصرة عن نزع فتيل التوتر، وعن اتخاذ الإجراءات الملائمة التي تُبقي المصارف بمنأى عن ملاحقات القاضية عون التي تنفذ مخططاً، لم يعد خافياً على أحد، بعد قرارها، الادعاء على حاكم مصرف لبنان رياض سلامة وشقيقه رجا الموقوف وجاهياً، بتهمتي الإثراء غير المشروع وتبييض الأموال .
ولا تخفي أوساط متابعة، القول إن «ما تقوم به القاضية عون انتقام سياسي، بغلاف قضائي ما عاد ينطوي على أحد»، مشددة على أن « التداعيات المحتملة لهذا المسار إذا استمرت الأمور على ما هي عليه، ستكون وخيمة وتحديداً على صعيد التضامن الحكومي الذي لن يكون بمنأى عن هذه التداعيات التي ستعصف بكافة أرجاء البيت الحكومي . بعد إعلان الرئيس ميقاتي صراحة بأنه غير موافق على استهدافات القاضية عون القضائية، باعتبار أن فيها المثير من الشعبوية، وهذا أمر لا يمكن القبول به، أو التغطية عليه بأي شكل من الأشكال» .
وتنقل الأوساط عن دوائر معنية بما يجري، أن «الرئيس ميقاتي لن يسمح بتوقيف حاكم «المركزي»، بالنظر إلى مخاطر أيٍّ في هذا الاتجاه، على الأوضاع في لبنان، وهو يرى أن الكرة باتت في ملعب السلطة القضائية التي يجب عليها تصحيح الخلل القائم الذي تعانيه»، في إشارة إلى ضرورة وضع حد لممارسات القاضية عون، وكف يدها عن الكثير من الملفات التي تتولاها حالياً، وما أثاره ذلك من انتقادات واسعة على أكثر من صعيد .