اتصالات الخارج التي شملت باسيل أفرجت عن الحكومة… وفرنسا كانت بصورة «الوزراء المفاتيح»!
بيان وزاري مُقتضب لن يتعدّى الاسبوع يُحاكي الشعب لا النواب… وهذه ابرز بنوده!
دخل «فدائيا انتحاريا» ورفض الخروج مستسلما راضخا، ففعلها ابن طرابلس المناور السياسي الاول من دون منازع، وبات رئيسا رسميا لثالث الحكومات التي يترأسها في تاريخ حياته السياسية، بعدما نجح بتشكيل حكومته الاربع والعشرينية في مهلة زمنية لا تتخطى الشهر.
نجح ميقاتي حيث فشل الآخرون، وتجرأ حيث لم يفعل الآخرون، فسجّل في سجّله السياسي نقطة جديدة اصابت بالصميم السياسي عمق «الحريرية السياسية» التي سجّلت فشلا لزعيمها سعد الحريري، وبمهلة كادت تصل لسنة في التمام والكمال في تشكيل حكومة في اصعب مرحلة من تاريخ لبنان الذي ينازع في قلب «جهنم « الاقتصادي والاجتماعي والمالي.
حزم ابن «العزم» امره، وعزم على تلقف «كرة النار» في رغبة ضمنية بان يكون «الرجل السني المنقذ» والذي سيذكره التاريخ ذات يوم من ١٠ ايلول 2021. فعلها ميقاتي والّف حكومته بالتوافق والشراكة مع رئيس الجمهورية. ربح ميقاتي في «المعركة السنية» وسجّل في مرمى زعيم «تيار المستقبل» هدفا من العيار الثقيل، لكن في الميزان السياسي بين بعبدا والبلاتينوم ومن وراء البلاتينوم من «نادي رؤساء الحكومات السابقين»، سجلت هزيمة ميقاتية مُسطّرة بتنازل منحه ميقاتي للرئيس ميشال عون على طبق من فضة، بعد كل معارك «طواحين الهوا» التي خاضها سابقا الحريري ومعه «النادي»، ونال رئيس الجمهورية او من خلفه رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل الثلث المعطل.
فالتشكيلة الحكومية الميقاتية لا تحتاج لتبصير او تنجيم لقراءة وفكفكة حصص كل حزب او فريق او تيار، فالاسماء واضحة وضوح الشمس ومعها الاعداد والاثلاث!
صحيح ان ميقاتي يصرّ على ان حكومته خالية من اي ثلث معطل، لكن القارئين في سطور التشكيلة يرصدون ثلثا معطلا سواء كان مموّها او مقنعا او خفيا، لا فرق لكنه في النهاية ثلث معطل للرئيس عون!
حتى ان اوساطا بارزة كانت تابعت كل مجريات مفاوضات ربع الساعة الاخير قالت بعيد صدور التشكيلة : «حاج يضخكوا على بعض فالرئيس عون حاز على ثلث معطل وحبة مسك»!
وتشرح الاوساط ان حصة الرئيس عون تخطت الـ ٨ وزراء الى ٩ وحتى ١٠، وتحيلك الى اسماء الوزراء الذين اتوا مموّهين وقيل انهم توافقيون ومنهم نجلاء رياشي للتنمية الادارية وجورج كلاس للشباب والرياضة اضافة الى وليد نصار للسياحة، فهؤلاء او اقله ٢ منهم يعوّل عليهم رئيس الجمهورية للوقوف الى جانبه عند اي قرار يحتاج الثلث المعطل!
على اي حال وبانتظار القرارات التي قد تتخذها هذه الحكومة، بدا واضحا ان ميقاتي عازم على العمل حتى قبل ان تمنح حكومته الثقة، اذ بادر بالامس لعقد سلسلة اجتماعات مع وزراء معنيين لمتابعة ملف البطاقة التمويلية وغيرها من الملفات بانتظار اولى الجلسات الوزارية الاثنين والتي ستخرج بتأليف لجنة تكون مهمتها صياغة البيان الوزاري الذي ستأخذ الحكومة الثقة بمجلس النواب على اساسه.
وفي هذا السياق، اشارت مصادر ميقاتي الى ان انجاز البيان لن يأخذ وقتا، وهو اصلا شبه جاهز، وسيكون مقتضبا يحاكي الشعب لا النواب اي يحاكي معاناة الناس اليومية لا الامور السياسية والاستراتيجية الكبرى، وان صياغته مع اخذ الحكومة الثقة لن تتعدى الـ١٠ ايام او الاسبوعين،وتكشف المصادر ان اهم القضايا التي سيتناولها البيان الوزاري تتلخص بالعمل على حل الازمات المعيشية من محروقات الى رغيف وكهرباء، ومواجهة جائحة كورونا، كما سيولي قضية المرفأ اولوية بحيث سيؤكد على التعهّد بالمضي بدعم التحقيق لكشف الحقيقة، وكذلك على الاصلاحات المطلوبة، وخطة التفاوض مع البنك الدولي مع تأكيد على التزام لبنان بالعمل على تنفيذ الاصلاحات، اضافة الى ذلك، التعهّد باجراء الانتخابات النيابية بموعدها.
اما في ما خص القضايا الاستراتيجية الكبرى، فتشير المصادر الى انها باتت معروفة، والبيان سيمر عليها مرور الكرام، علما انه سيؤكد على استعداد لبنان للتعاون مع الجميع والتواصل مع الجميع لما فيه مصلحة البلاد، وفي هذه النقطة اشارة سياسية بين السطور لموضوع الانفتاح على سوريا.
على اساس هذا البيان ستأخذ حكومة ميقاتي الثقة، ولكن هل سيمنحها اياها تكتل لبنان القوي الذي لا ينفك يؤكد بانه سيدرس منح الثقة حسب برنامج الحكومة؟ اوساط متابعة تجيب : «وليش ما بدون يعطوا الثقة طالما آخدين التلت وطبشة وكمان»! لتضيف : حتما الاتجاه هو لان يعطي التيار الثقة، فكل ما كان يطالب به حصل عليه، والبيان الوزاري سيشدد على ما يطالب به رئيس الجمهورية من اصلاحات وتدقيق جنائي وغيره، فمن الطبيعي ان يعطي التكتل الثقة، لاسيما ان الوسيطين باسيل والصلح كانا تفاهما على كل شيء قبيل صدور التشكيلة!
ولكن يبقى سؤال اساس حيّر الجميع : ما الذي سرّع فأفرج عن الولادة الحكومية وذللت فجأة كل العقد؟ مصادر متابعة لعملية المفاوضات واللقاءات التي كانت تحصل تجيب : «فتشوا عما دار باتصال الرئيسين الفرنسي والايراني والذي استتبعه طلب من حزب الله بالتسهيل»، كل هذا اضيف له تكثيف للاتصالات والضغط الخارجي بالساعات التي سبقت الولادة الحكومية، اذ تكشف المصادر ان اتصالات اميركية – فرنسية عالية المستوى شملت ميقاتي والرئيس عون وباسيل طالبة التدخل والاسراع بالتأليف حتى لو تنازل ميقاتي عما كان رسمه كخط احمر والمعروف بالثلث المعطل! وهكذا كان الحل بتخريجة توافقية حاول المعنيون من خلالها التصوير بان الجميع خرج رابحا على قاعدة لا غالب ولا مغلوب !
وتختم المصادر كاشفة ان فرنسا كانت بصورة التشكيلة الحكومية النهائية حتى قبل ان تصدر، وحتى قبل ان يعرف المعنيون الاساسيون لاسيما بعبدا نفسها بأسماء الوزراء «المفاتيح» الاساسيين ومن بينهم وزير الاقتصاد وغيره الذين كانوا «جاهزين وخالصين»!