IMLebanon

ملهاة لإمرار 4 آب أو 17 أيلول؟

 

 

تتسابق الوسائل الاعلامية الى التلويح بأنّ الفرج آتٍ خصوصاً بعد الانسجام الرئاسي العوني ـ الميقاتي الذي أجاد «تدوير الزوايا»، فخلُصت مجمل الاستنتاجات والتحليلات المحلية الى أن العقدة الحكومية متجهة الى الحلحلة بعد تكليف الرئيس نجيب ميقاتي، فيما استنتج البعض الآخر أنّ ميقاتي رَضي بمقولة ان «لا يؤلف بل يؤلفان»!. إلا أن مصادر ديبلوماسية واسعة الاطلاع كشفت لـ»الجمهورية» ان الستاتيكو القائم في لبنان سيستمر على حاله الى ما بعد 17 ايلول أي موعد تسلّم الرئيس الايراني الجديد ابراهيم رئيسي زمام الحكم، وإنما العقدة بحسب تعبير تلك المصادر لا تكمن ابداً في ان «يؤلف أو لا يؤلفان»! منبّهةً الى أن ما تشهده الساحة اللبنانية من تطورات وتجاذبات على صعيد التأليف والتكليف او حتى التطورات السياسية او القضائية المثيرة للجدل ليست سوى «ملهاة للوقت» وما هي إلا لإمرار استحقاقات مهمة، هي أكبر حتى من استحقاق 4 آب، اذ ترى المصادر نفسها انّ الاستحقاق الأهم هو 17 ايلول الذي سيُبنى بعده على الشيء مقتضاه.

 

وفي السياق كشفت مصادر ديبلوماسية لـ»الجمهورية» أن ملف المفاوضات الاميركية ـ الايرانية يواجه حالياً عرقلة شديدة الدقة والاهمية للاسباب الآتية:

– يصرّ الطرف الاميركي على تلازم مسار ملفات ثلاث:

1 – النووي الايراني.

2 – أذرع ايران في المنطقة.

3 – الصواريخ البالستية الطويلة المدى والدقيقة الاصابة.

وتلفت المصادر نفسها الى انّ «حزب الله» يمتلك منها داخل لبنان 150 صاروخاً. وتكشف كيف أنّ مساعد وزير الخارجية الاميركية لشؤون الشرق الادنى ديفيد شينكر، في زيارته الاخيرة الى لبنان وخلال لقاءاته العلنية مع المرجعيات السياسية كما في لقاءاته غير المعلنة مع المرجعيات المؤثرة، وبالاضافة الى طرحه موضوع ترسيم الحدود بحث في موضوع الـ 150 صاروخا بالستيا لأنّ ما كان يعني الطرف الاميركي هو هذه الصواريخ البالستية فيما أبدى آنذاك قلقه من امتلاك الحزب لتلك الصواريخ المذكورة، وطالبَ حينها شينكر ببذل المساعي لإمكانية اعادة تلك الصواريخ الى مصدرها في حال أصرّ «حزب الله» على رفض تسليمها. وتكشف المصادر نفسها ان العرض الذي قدمه شينكر آنذاك رُفض، في وقت كان إخراج تلك الصواريخ من لبنان الملف الاهم بالنسبة الى الطرف الاميركي، إلا أن الرغبة الاميركية، او الطلب الاميركي، لم يلقَ تجاوباً.

 

الطرف الايراني

في المقلب الآخر حدد الطرف الإيراني موقفه كالآتي:

– المفاوضات الاميركية ـ الايرانية عقدت، بحسب رأيه، من اجل «النووي». وبالتالي، يرى ان تلك المفاوضات خاصة فقط بالملف النووي وحده، ما يعني أنه تم الابلاغ الى فريق التفاوض الاميركي، بحسب المصادر نفسها، بما معناه: «نتكلم ونفاوض فقط في «النووي»، أما اذا شئتم التفاوض بملفات اخرى خارج اطار الملف النووي، فذلك نُخصّص له اجتماعات في تواريخ اخرى وعقد اتفاقات اخرى».

الا ان المصادر نفسها كشفت ان الرئيس الاميركي أصرّ وما زال يصر على دمج تلك الملفات الثلاثة وجمعها بعضها مع بعض اثناء التفاوض في المحادثات التي تجرى في فيينا، الامر الذي أدى حالياً الى عرقلة دقيقة في مسار المفاوضات، فيما كشفت تلك المصادر ايضا انّ غالبية الاصوات التي استمزجها بايدن في الكونغرس الاميركي نصحته بأن يُبقي الملفات الثلاثة مجتمعة وممزوجة قبل توقيع اي اتفاق نهائي حول الملف النووي.

ووفق المصادر نفسها لفت احد مستشاري الرئيس الاميركي الفريق المفاوض الى ضرورة التمسّك جيداً بالكعكة الدسمة التي يجب الارتكاز والانطلاق منها لتحقيق مزيد من المكاسب وتحسين الشروط الاميركية، ألا وهي» كعكة النووي»، اذ في رأيه لا يمكن للفريق الاميركي الرضوخ للتفاوض فقط في الملف النووي او الانتهاء منه وحسمه قبل تحسين الشروط الاميركية في الملفات الاخرى، أي: أذرع ايران في المنطقة وملف الصواريخ البالستية… فإذا انتهى التفاوض في الملف النووي كيف سيفاوض الطرف الاميركي لاحقاً على الملفات الاخرى؟

وبناء على الاسباب التي ذُكرت، ترجّح المصادر نفسها ان الستاتيكو القائم في الشرق الاوسط وفي لبنان تحديداً لن يتجلى مصيره سوى بعد تاريخ 17 ايلول موعد تسلّم الرئيس الايراني الجديد ابراهيم رئيسي زمام الحكم في ايران، عندها سيتضح مسار الاتفاق في المنطقة بحسب توزيع وتوسيع نفوذ القوى الكبرى، فيما تؤكد المصادر انّ هذا الامر لا يمكن لأحد معرفته قبل انتهاء الاتفاق الاميركي ـ الإيراني في فيينا.

وفي السياق أشارت المصادر نفسها الى التصريح المعبّر منذ أسبوعين لوزير الدفاع الايراني بقوله ما معناه «انّ العراق ارضنا وهي فارسية، وانّ الفرس هم الذين حكموا الارض ومنحوها الحضارة»…

ويتساءل البعض عن توقيت هذا التصريح الذي اعتُبر مؤشراً أو رسالة عالية السقف ستعتمدها ايران وفريقها المفاوض وحتى ديبلوماسييها لتحصين شروط التفاوض وتحسينها، وتحصيل العدد الاكبر من المكاسب.

 

لبنان وأيلول

وعن الملف اللبناني تؤكد المصادر نفسها ان ما يربط لبنان بهذه المفاوضات وبهذا السرد تحديداً يكمن في حالة الترقب التي ستستمر وبمرحلة «ملهاة للوقت» هي أقصى ما ستشهده الساحة السياسية في المرحلة الراهنة، وكل ما سيرافق تلك المرحلة من تصعيد او تبريد تكليف او عرقلة في التأليف لن يكون سوى لإمرار استحقاقين:

ـ الاول: تاريخ الرابع من آب، وذلك في محاولة لاستيعاب اصوات الغضب الشعبي وإخفاته.

– الثاني: تاريخ السابع عشر من ايلول، والذي من بعده يتمكّن لبنان من معرفة مصيره في ما إذا سيكون جائزة ترضية ام أضحية في مواسم الاعياد.