IMLebanon

حكام مزرعة

 

 

بالجرم المشهود عند التشكيل وبعده ضُبطت حكومة الرئيس نجيب ميقاتي متلبّسة بأنها حكومة من غير المستقلين بل هي حكومة من شخصيات في صلب أحزاب وتيارات السلطة، وكان من الطبيعي أن تصل الحكومة إلى ما وصلت إليه اليوم من تعطيل وشلل ولم يكن قد مضى شهر واحد على انطلاقتها، علماً أن كل محاولة للقول أن الوزراء يعملون في وزاراتهم وأن اللجان الوزارية تعمل، ما هي إلا محاولات تعمية وضحك على الذقون وتغطية السموات بالقبوات للقول أن الأمر ليس فشلاً منذ بداية الطريق بل هو إشكال بسيط سيحل عاجلاً أم آجلاً.

 

ولنفترض أن المساعي نجحت في حل هذا الإشكال، وهو لن يحل إلا بتنحية القاضي طارق البيطار، فما هي الضمانة ألا تكون نتيجة إشكالات أخرى تعطيلاً آخر للحكومة، لا سيما وأن ما جرى على خلفية القاضي البيطار يعني أن كل طرف سياسي مشارك في هذه الحكومة يملك حق عقد جلسات لمجلس الوزراء وحق فرطها وبالتالي أصبح صاحب الصلاحية الأساس بالدعوة لإنعقاد مجلس الوزراء وهو رئيس الحكومة، أصبح في موقع المتفرج يعمل كوسيط من أجل تقريب وجهات النظر ومتى اقتربت أصبحت الدعوة لمجلس الوزراء تحصيلاً حاصلاً.

 

في خضم هذه المشكلة يقول البعض إن دعوة الرئيس ميقاتي الحكومة إلى الانعقاد من دون توافق سيفجّرها، ماذا يعني ذلك؟ هل يعني أن الثلث المعطل وأكثر سيستقيلون لتصبح الحكومة في حكم المستقيلة؟ هل يدفع رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل وزراءهما إلى الاستقالة؟ هل يستقيل رئيس الحكومة؟

 

إن حدثت هذه الاستقالات تكون الحكومة قد انفجرت بالفعل ولن يعود بالإمكان ترميمها وربما تكون هذه الاستقالة مفيدة هذه المرة لتشكيل حكومة مختلفة إذا كان المتحكمون بالعباد والبلاد قد تعلموا الدرس.

 

إن الحكومة في الوضع الراهن تعاني انفجاراً أيضا وأضراره أسوأ من أضرار الاستقالة لأن ذلك يؤدي في الدرجة الأولى إلى زيادة نسبة اليأس والقرف لدى المواطنين، ويؤكد للمجتمع الدولي والمؤسسات المالية الدولية أن لا ثقة فعلاً بحكومة قابلة للتعطيل في أي لحظة وبالتالي فإن أي مساعدات او برامج إنقاذية معها لن تجدي نفعاً بل ستراكم فشلاً وفساداً تلو الآخر.

 

إن القوى السياسية المشاركة في الحكومة لا تقارب الواقع ابداً،لا تدرك حجم المأساة التي يعيشها الناس، لا تدرك أن الوطن والاقتصاد والأمن والخدمات قد انهارات، هؤلاء لا همّ لهم سوى المناصب والنفوذ والسيطرة، وكيف لا وهم ما زالوا يجدون بين الشعب من هو مستعد للموت في سبيلهم كي يُبقوا الخناق ويشدّوه على رقاب كل الناس، هؤلاء يستحيل أن يبنوا دولة بكل ما للكلمة من معنى، هؤلاء حكام مزرعة لا تنتج أبدا بل يعملون فقط على إحراق ما تبقى من الأخضر واليابس.