Site icon IMLebanon

ميقاتي لم يفعلها في 2011… ولن يفعلها اليوم

 

على مقدار الظرف المعقّد الذي واجه حكومته في أسابيعها الأولى، كان الحظّ إلى جانب نجيب ميقاتي في تأمين مناخ تخفيفيّ ساعده على تلقّف الغضب السعودي، من خلال اللقاءات التي تمكّن من عقدها خلال “مؤتمر الامم المتحدة السادس والعشرين للأطراف في الاتفاقية الإطارية بشأن التغيّر المناخي”، المنعقد في مدينة غلاسكو في اسكتلندا حيث نجح في التشاور المباشر مع كبار القادة العالميين، والاستفهام ممن يتعاطون الملف اللبناني عن حقيقة موقفهم ازاء الأزمة الناشئة مع المملكة، علّه ينجح في خطف إجابة على “سؤال المليون”: هل يتقدّم باستقالته… أم ينتظر هدوء العاصفة؟

 

إلى الآن، لا يزال الجواب يطبش لمصلحة الكفّة الثانية خصوصاً وأنّ الراعي الأساسي له، أي الإدارة الفرنسية لم يبد أي حماسة أو تجاوباً مع العاصفة التي قادتها المملكة العربية السعودية بشأن لبنان، خصوصاً وأنّ الحجة التي تمثلها تصريحات وزير الاعلام جورج قرداحي لم تؤدِّ دورها كدافع مهم يبرر النقمة الخليجية على لبنان.

 

وعليه، لم يسارع رئيس الحكومة إلى توضيب حقائب العودة إلى بيروت فور انطلاق الحملة المتدحرجة من جانب المملكة السعودية اعتراضاً على كلام وزير الاعلام، والسابق لتوزيره، وأصرّ على اكمال رحلته الخارجية، ولو أنّه حاول تطويق الأزمة من خلال الطلب إلى الوزير المعني تقديم استقالته، مع أنّه متأكد أنّ هذا المخرج لن يعالج الأزمة الناشئة، ولكنه اعتقد أنّ المسارعة إلى تقديم تلك الاستقالة من شأنها أن توقف قطار التصعيد وتعيده إلى قاعدته. ولهذا عاد وكرر أنّه حاول اقناع الوزير جورج قرداحي بهذا “المخرج الوطني” لكن الأخير لم يبد موافقته.

 

ومع ذلك، فإن ميقاتي يدرك جيدّاً أنّ هذه الهجمة الشرسة لها أبعاد كثيرة تتجاوز موقف وزير الاعلام، خصوصاً وأنّ أياً من المسؤولين اللبنانيين لا يملك جواباً شافياً عما يريده السعوديون، وعما اذا كانت استقالة قرداحي تعيد عقارب الساعة إلى الوراء، أو حتى استقالة الحكومة برمّتها. لا أحد يعرف جدياً ما هي أجندة المملكة وما هي شروطها لتحسين العلاقات. إذ إنّ التواصل مقطوع بين لبنان برئاستيه الأولى والثالثة، وبين الرياض كما يؤكد المواكبون، مع العلم أنّ ميقاتي ومذ تسميته رئيساً للحكومة حرص على التأكيد أكثر من مرّة على أهمية نسج أفضل العلاقات مع المملكة، ولكن من دون أن تتلقّف الرياض المنحى الايجابي في مواقف رئيس الحكومة، وحين وقعت الواقعة لم يُبلّغ أي من المسؤولين اللبنانيين بحقيقة مطالب السعودية من لبنان وما اذا كان باستطاعة الحكومة تلبية هذه المطالب.

 

ولعل هذا ما قصده وزير الخارجية والمغتربين عبدالله بو حبيب حين أكد أنه “لم يحدث أي تواصل بين السعودية، وحكومة نجيب ميقاتي منذ تشكيلها”، مشيراً إلى أنّ “إمكانية الوساطة القطرية، لحل المشكلة مع السعودية، هي الأمر الوحيد المطروح حالياً”. ولفت إلى أن “الحكومة غير قادرة على تحجيم دور “حزب الله”، وهذه مسألة إقليمية”.

 

يذهب كُثر إلى حدّ التلميح إلى أنّ الملف اليمني هو المطلب غير المرئي من الهجمة السعودية خصوصاً وأنّ بعض المعلومات تشير إلى أنّ الايرانيين أبلغوا السعوديين في جلستهم الحوارية الاولى في بغداد، أنّ ملف اليمن عند “حزب الله”، وهذا ما دفع السعوديين إلى تصعيد حملتهم بوجه لبنان.

 

والأرجح أنّ ميقاتي مقتنع أنّ الضغط الذي تمارسه السعودية قد لا يوصل إلى نتيجة يرضيها، خصوصاً وأنّ الدول المعنية بالملف اللبناني، لا سيما الغربية منها وبعض الدول العربية لا ترى أنّ هذا الأسلوب قد يؤتي ثماره. ولهذا لم يلاقِ الغضب السعودي تعاطفاً أو قبولاً غربياً ولا حتى اجماعاً عربياً.

 

لكل هذه الأسباب، ومع أنّه لا بوادر قريبة تشي بامكانية معالجة الأزمة سريعاً ومع أنّ حكومته معلّقة بالأساس على حبل الخلافات الداخلية، إلّا أنّ ميقاتي لا يبدي أي إشارة قد توحي أنّه بوارد تقديم حكومته “أضحية” على مذبح الأزمة مع السعودية.

 

ويذهب بعض عارفيه إلى حدّ التذكير بما واجهه في العام 2011 حين وصفت حكومته بأنها حكومة “حزب الله” وقد تمّ تحريض الشارع بوجهه، الأمر الذي لا يحصل راهناً، ولم يتراجع حينها ويرمي ورقة استقالة حكومته على الطاولة. ولن يفعلها اليوم.