IMLebanon

منسوب التفاؤل إلى انخفاض… ولا حكومة سريعة

 

حتى الآن، لا مؤشرات توحي بأنّ الخرق الحكومي قريب. لا بل تزداد القناعة أنّ العراقيل التي كانت تحول دون دخول سعد الحريري السراي الحكومي، لا تزال هي نفسها وقد تمنع نجيب ميقاتي من اجراء مراسم التسليم والتسلّم مع حسّان دياب. فالرهان على أنّها الفرصة الأخيرة قبل حصول الارتطام الكبير، قد لا يبدّل في المواقف أو ينزل القوى السياسية عن الشجرة، ولا تزال الضغوط تمارس على قاعدة من يتألم أولاً من عضّ الأصابع…

 

أكثر من ذلك، من كان يعتقد أنّ هناك احتمالاً في طبخ صيغة توافقية تسمح بتذليل أبرز العقد التي تواجه التأليف، وهي عقدة وزارة الداخلية، على الطريقة اللبنانية من خلال الاتفاق على اسم مقبول من الطرفين، فقد عاد عن تفاؤله في الساعات الأخيرة نظراً إلى تصلّب الفريق العوني الذي يرفع من سقف شروطه حتى حدوده القصوى، أملاً في تحقيق القدر الأكبر من المكاسب، وهذه المرة تبدو “الداخلية” هدفاً مباشراً عشية الانتخابات النيابية، ما يعني أنّ هناك صعوبة في تكريس مبدأ لا غالب ولا مغلوب.

 

في الواقع، كلّ ما تحقق حتى الآن هو محاولة رئيس الحكومة المكلف الاتفاق مع رئيس الجمهورية ميشال عون على تصور حكومي موحّد. في التوازي، يعمل رئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل على تمهيد الطريق لإمساك المجد من طرفيه، السلطوي والمعارض، من خلال وضع نفسه علنياً في صفوف المعارضة بعد خطاب “لا أريد شيئاً لنفسي”، مقابل وضع كل موجبات السلطة ومكتسباتها عند رئيس الجمهورية، الذي مع خروج “التيار” من المفاوضات والتسمية، والأرجح الثقة، صار ممثل المسيحيين المعارضين، ليسمي عنهم كل وزرائهم.

 

والأرجح أنّ ذاكرة البعض، مثقوبة، وتناست أنّه مع اعلان أولى حكومات عهد الرئيس ميشال عون برئاسة سعد الحريري، سرعان ما انضوى الوزراء المحسوبون على رئيس الجمهورية ضمن “تكتل لبنان القوي”، ليذوب هؤلاء مع الوزراء المحسوبين على “التيار الوطني الحر” وحلفائه، ويصيروا جميعهم تحت “إمرة” باسيل. ما يعني أنّ فتوى بقاء باسيل خارج دائرة التفاوض، والتكتل “خارج الحكومة، لا تقريش” له بالسياسة، لأنّ النتيجة ستكون هي نفسها.

 

ومع ذلك، تُظهر القواعد التي وضعها باسيل خلال مقابلته التلفزيونية الأخيرة أنّ سقف المطالب لا يزال مرتفعاً. اذ اعتبر أنّ “المداورة لا يمكن ان تستثني اي وزارة اذا حصلت وطبعاً لا نعطي ثقة لأي حكومة تستثني المالية من المداورة وتجريها على سائر الوزارات”، وهذا يؤكد أنّ الفريق العوني يريد وزارة الداخلية اذا ما استمرت المالية مع الثنائي الشيعي. وحين دعا ميقاتي “الا يتحول الى ضحية خامسة للحريري بعد الصفدي والخطيب وطبارة واديب”، فهذا يعني أنّه يريد منه تقديم التنازلات، من دون أن يتضح اذا كان الفريق العوني سيلاقيه إلى منتصف الطريق.

 

كذلك يعتبر باسيل أنّ “صيغة الثلاث ثمانات لم تولد اصلاً ولم نكن لنسمح بولادتها لأنها نوع من انواع المثالثة بين قاطرة مسيحية وثانية شيعية وثالثة سنية للوزراء”، مشيراً إلى أنّه “لا يعتقد ان هناك جواً اليوم لحكومة ثلاث ثمانات فالمثالثة المقنعة لا يمكن ان تمر والجميع يعرفون ذلك”، وهذا ما يؤكد أنّ الفريق لا يزال عند مطلبه: تسعة وزراء لا أقل!

 

في المقابل، فإنّه بعد ثلاثة لقاءات متتالية مع رئيس الجمهورية، يبدو أنّ منسوب التفاؤل لدى المحيطين برئيس الحكومة المكلف، راح ينخفض، ذلك لأنه لا إشارات حتى الآن تشي بامكانية تحقيق خرق سريع كما كان الاعتقاد سائداً مع بداية التكليف، حيث اعتقد ميقاتي أنّ الوضع الكارثي قد يدفع الجميع إلى خطّ وسطي من شأنه أن يسهّل التأليف، وقد بيّنت الجلسات الثلاث الأولى أنّ الولادة لن تكون سريعة، والأرجح لا حكومة قبل الرابع من آب المقبل.