على الرغم من التشديد الدولي المتواصل،على ضرورة إجراء الانتخابات النيابية في لبنان، والتحذير من مغبة عدم إجرائها لانها ستساهم في عدم إعطاء المساعدات الدولية، لكن المشهد السياسي المتدهور والمفتوح على شتى انواع الانهيارات، يغلب كفّة تأجيل الانتخابات والتمديد مجدّداً للنواب الراغبين بهذه الخطوة، على الرغم مما يقولونه امام وسائل الاعلام، ويشدّدون على إجراء المعركة الديموقراطية في ربيع العام المقبل، في حين انّ الحقيقة مغايرة، لان الحجج موجودة ولا يحتاجون للتفكير بها.
فهنالك التعطيل الحكومي، تقول مصادر متابعة، والازمة الخليجية المفتوحة مع لبنان، وملف انفجار المرفأ وما تبعه من تداعيات، على خلفية الاطاحة بالحكومة في حال لم تكّف يد المحقق العدلي في القضية القاضي طارق البيطار بصورة نهائية، إضافة الى ملف الطيونة – عين الرمانة، وما سبق ذلك من احداث في خلده، ومدى الإتجاه لتزخيم كل هذه التداعيات مع إقتراب موعد الإنتخابات النيابية، اي تطورها الى مشاهد امنية خطيرة قد تشهدها مناطق اخرى، بسبب انتشار الطوابير الخامسة التي تعمل على إشعال الوضع وعدم الاستقرار، مما يعني انّ كل هذه الاجواء لا تشجع على إجراء الانتخابات، بالتزامن مع تقريب موعدها الى 27 آذار المقبل، الامر الذي رفضه رئيس الجمهورية والتيار الوطني الحر، الذي يتحضّر رئيسه للطعن به كقانون.
وبحسب المصادر، فالامور تتجه نحو التصعيد، وستكون مَفتوحة على خيارات غير مَسبوقة، لأنّ المسألة باتت مقلقة بالنسبة للعديد من الكتل والشخصيّات السياسية، خاصة وأنّ الإنتخابات النيابية تقترب، لذا يفضّلون ضمنياً عدم خوضها والاستعانة بمَخرج ، كي لا يكون معظمهم خارج الندوة البرلمانية.
وفي هذا الاطار يعتبر نائب معارض، بأنّ اكثرية النواب الحاليين يفكرون بسيناريو جديد للتمديد، الذي سيُنتج حلاً لهم في اللحظات الحاسمة والاخيرة، خوفاً من غياب اكثرية هؤلاء عن المجلس النيابي، بسبب خسارتهم لمقاعدهم التي لا يمكنهم التخليّ عنها، بعد عقود من الزمن، ويؤكد بأنّ الشعب لا يمكن ان يرحمهم هذه المرة، بعد كل الذل الذي يعيشه، ويشير الى انّ بعض الاحزاب والتيارات يفضّلون عدم إجراء الانتخابات، مخافة الدخول في معركة إثبات الوجود، وهنالك أحزاب تهدف الى المحافظة على كتلتها النيابية المتعددة الطوائف، لذا تخاف من خوض تلك المعركة، وبعضها الآخر غير قادر على الفوز بمقاعد نيابية اخرى خارج دائرته، لذا يبحثون عن التمديد، لكنهم يخافون لفظ تلك الكلمة، فيما في مجالسهم الخاصة يتمنّون ذلك، خصوصاً انّ العام 2022 هو عام الإستحقاقات الرئاسية والنيابية، لانّ مجلسها النيابي هو مَن سينتخب رئيس الجمهورية المقبل، ومن هذا المنطلق اشار النائب المعارض، الى انّ النائب جبران باسيل يسعى الى تأجيل الانتخابات النيابية عاماً كاملاً، كي يتيح للمجلس الحالي انتخاب الرئيس، لانه يعتبره أفضل له بكثير من المجلس الذي سيُنتخب في الربيع المقبل، لانه لن يكون لصالحه كمرشح رئاسي.
وينقل المصدر بأنّ عدداً من الافرقاء السياسيّين والاحزاب، الذين أجروا إحصاءات حول نسب الاصوات التي سينالونها خلال الانتخابات النيابية ، قد تلقى صدمات بسبب تدنيّ نسبة الاصوات التي ستقترع لهم، في حين انهم وُعدوا من قبل المؤيدين والمقرّبين، بأنهم سيعودون بنسبة اصوات مرتفعة، لكن النتائج أتت مخيبة للآمال، واظهرت تبدّلاً في آراء الناخبين عموماً، الذين يعيشون الانهيارات اليومية بسبب فساد الطبقة الحاكمة وتوابعها. لافتاً الى ان لا خوف على نواب الثنائي الشيعي وكتلتهما، لانّ التغيّير سيقتصر على القليل منهم، بسبب إستبدال الاسماء فقط، كذلك الامر بالنسبة للوضع الدرزي، اما الوضع السنيّ فهنالك مخاطر تطوقه، في إنتظار بلورة ما سيقرره رئيس الحكومة السابق سعد الحريري، المقرر ان يأتي منتصف الشهر الجاري.
وعلى الخط المسيحي قال النائب المعارض:” المعركة الاقوى بين التيار الوطني الحر و”القوات اللبنانية”، بحيث تشير الاحصاءات الى ارتفاع شعبية القوات بنسبة كبيرة ، مما يساعدها على تكبير حجم كتلتها، وقد تصل الى 28 نائباً بحسب ما تشير مصادر “قواتية”، لكن ما هو اقرب الى الواقع 22 نائباً او اكثر بقليل، اما التيار الوطني الحر فشعبيته تأثرت ببعض الاحداث التي جرت، وخصوصاً بعد المواقف التي اطلقها رئيس التيار، في ما يخص احداث الطيونة – عين الرمانة، إضافة الى تلك التي اعلنها خلال ذكرى 13 تشرين”، واصفاً اياها ب” زلاّت اللسان” التي كان من المفترض تجنبّها خصوصاً في هذه الظروف، التي يشعر فيها المسيحيون بالاحباط من جرّاء وضع البلد والوضع المسيحي بشكل عام، بعد تدهور العلاقات “القواتية” – “العونية” ، إضافة الى وضع مماثل بين التيار الوطني الحر و”المردة”، وإنقسام المسيحيين بين مجموعات من الجبهات المعارضة، فيما المطلوب التلاحم اكثر من اي وقت مضى في ظل ما يجري من تغيّرات في المنطقة.
وعلى خط المرشح الاوفر حظاً للرئاسة، رأى المصدر انّ حزب الله يفضّل وصول النائب السابق سليمان فرنجية الى سدّة الرئاسة، وليس النائب باسيل لانه صعب في السياسة، فيما فرنجية ليّن ومتفهّم بالنسبة للحزب، وهم يثقون به كثيراً. ونقل النائب المعارض عن اوساط سياسية حزبية بأنّ حزب الله خائف على حلفائه، خصوصاً على التيار العوني، من إنخفاض شعبيته اكثر وعدم بروزه كتيار مسيحي قوي حليف له.