لم يتوقف تدهور الأوضاع السياسية والاقتصادية بوجود الحكومة الحالية،بعدما عطلها «حزب الله» قسرا، بحجة ازاحة المحقق العدلي بتفجير مرفأ بيروت القاضي طارق البيطار، لطمس خفايا معينة بحادث التفجير، لا يريد كشفها،واصبحت مشلولة بالكامل، وغير قادرة على القيام بالحد الأدنى من مهامها، وبالمختصر المفيد، كأنها غير موجودة.
إطالة امد التعطيل المتعمد للحكومة على هذا النحو،اصبح مكلفا،بعدما زادته
ازمة تدهور العلاقات المستجدة مع المملكة العربية السعودية ودول الخليج العربي، بفعل مواقف وزير الإعلام جورج قرداحي الحوثية المعادية للمملكة، صعوبة وخرابا.
هذا التدهور المخيف، لم يشهده لبنان من قبل،ولذلك ،لم يعد استمرار الشلل الحكومي مبررا،ولم تعد تنفع معه المداواة بكل انواع المسكنات المصطنعة، وبيع الاوهام الفراغية للمواطنين مقبولا او مجديا. واصبح معه استمرار الوضع على حاله ،بمثابة هروب الى الامام يزيد بالضرر والخراب اللاحق على كل المستويات، وبلا جدوى.
إذ ان، تجميد عمل الحكومة الحالية،لم يحدث بالصدفة،انما فرضه حزب الله بالقوة، لانه بالأساس،لا يريد وجود أي حكومة بالوقت الحاضر.فهو ،وبرغم موافقته على مبادرة الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون علانية، انقلب عليها،وهو من عطل تشكيل حكومة مصطفى اديب اولا، وبعدها حكومة الرئيس سعدالحريري، ولو كانت واجهة التعطيل رئيس الجمهورية ميشال عون والنائب جبران باسيل يومها. الحزب وافق على مضض تشكيل الحكومة الحالية،بضغط دولي ،وبتفاهم اميركي فرنسي ايراني معلن. تعطيل حكومة الإنقاذ،لم يحصل من فراغ،انما وراءه نوايا مبيتة،باتت مكشوفة . حزب ألله ،كان يرفض منذ البداية المفاوضات مع صندوق النقد الدولي، للمساعدة في حل الأزمة المالية والاقتصادية وانقاذ لبنان من كارثةالانهيارالحاصل، وهذا لم يكن بالخفاء، وهو ما اعلنه الامين العام لحزب الله حسن نصرالله اكثر من مرة.
تؤشر عملية تعطيل اجتماعات الحكومة وتقييد حركتها، تحت حجج وذرائع مختلقة وممجوجة،الى إجهاض آخر محاولة، لاستعانة لبنان بطوق النجاة الوحيد المتاح له، لتجاوز الأزمة وهو المفاوضات مع صندوق النقد الدولي. الهدف اغراق اللبنانيين بمزيد من الانهيارات والازمات المتلاحقة، وابقاء لبنان رهينة لمقايضته في بازار الملف النووي الايراني المفتوح على المطامح الايرانية.
كان اللبنانيون ياملون ان يسهم تشكيل الحكومة العتيدة، بالتخفيف من حدة الازمة الضاغطة على مفاصل حياتهم، ويحيى لديهم، بصيص امل بوقف الانهيار الحاصل، لانقاذ لبنان من جهنم العهد وحليفه ،الا ان اختراع حزب الله
لذريعة ازاحة المحقق العدلي، وتعطيله للحكومة، أغلق ابواب الانقاذ، وشرع لبنان امام شتى الاحتمالات السوداوية المقيتة.
إزاء ذلك،
لم يعد يصح القول ان استمرار الحكومة بوضعها المشلول ومنع اجتماعها على هذا النحو ، بانه أفضل من الفراغ الحكومي وعدم وجود حكومة.
هذه المعادلة سقطت ولم يعد ترويجها مقبولا،بعدما تبين ان من كان يعطل تشكيل الحكومة لاكثر من عام، هو نفسه من يشلّ عملها حاليا.
بالطبع، تعطيل الحكومات و الاستحقاقات الدستورية من قبل حزب الله ،لم يعد حدثا غريبا،او مستجدا في لبنان، بل هو اسلوب يتبعه منذ وجه سلاحه الى الداخل اللبناني بعد انتهاء حرب تموز الإسرائيليةضد لبنان،وقبوله بالقرار الدولي ١٧٠١. اسلوب التعطيل لم يقتصر على تأليف الحكومات، او عرقلة عملها،بل طال كل مفاصل المؤسسات. هذا الاسلوب هو من صميم ،ممارسات الحزب وسياساساته الممنهجة للتحكم بمفاصل السلطة، لغايات ومصالح الدولة الايرانية.
ما هو جدوى بقاء الحكومة الحالية، بعدما خسرت اسابيع طويلة من عمرها المحدد ،بالتعطيل القسري، وانسداد آفاق فك اسرها،مع استمرار التدهور الاقتصادي والمعيشي الى حدود غير مسبوقة؟
في هذه الحالة، يعتبر استمرار الحكومة بشللها، وفي ظل الصمت المريب لرئيس الجمهورية ميشال عون، باعتباره حامي الدستور، وعدم مبادرته لاتخاذ اي موقف جدي لانهاء تعليق جلسات مجلس الوزراء، واستمرار رئيسها نجيب ميقاتي بمحاولة الالتفاف ،و تعبئة الفراغ والشلل، باجتماعات جانبية وترؤس لجان
وزارية، واعلان مواقف ضبابية،لم يعد مقبولا،مع تدهور الاوضاع المعيشية والخدماتية،وانهيارغير مسبوق لسعر صرف الليرة اللبنانية الى مستوى لم تبلغه حتى في ظل الفراغ الحكومي طوال العام الماضي،الا اذا كان المطلوب في النهاية ،ان يشكل بقاء الحكومة غطاء شرعيا لمخططات الحزب، بتدمير ماتبقى من البلد على رؤوس ومصالح اللبنانيين، وهذا لم يعد مقبولا او مبررا.