Site icon IMLebanon

الحكومة يعيقها التعطيل والارتخاء وامتناع المجلس النيابي عن المبادرة

 

مفاوضات الصندوق في الغرف المغلقة.. واستبسال لطمس فجوة مصرف لبنان

 

 

ليس أكيدا أن إستقالة وزير الإعلام جورج قرداحي ستفتح كوة في الجدار الحكومي، ذلك أن التعطيل الحاصل سبق تصريحات الرجل، ويعود في الأساس إلى ما للثنائي الشيعي من اعتراضات على مسار التحقيق العدلي في انفجار المرفأ.

 

وصار لافتا تلازم التعطيل الحكومي الذي يدأب عليه الثنائي بربطه الإفراج عن الحكومة بما لا تطيقه أو تسَعَه في ملف المرفأ، مع الارتخاء الذي يواجِه به رئيس الحكومة نجيب ميقاتي حدّ تمنّعه عن أي حراك أو مبادرة تنقذ حكومته من كبوتها، وهي لمّا تزل وليدة، كأنه راض بالمصير.

 

لكن العالمين بالبواطن والمجاهل على ثقة بأن رئيس الحكومة مرتاح للتعطيل الحاصل، لأنه:

 

1-يتيح له العزف منفردا في أكثر من ملف شائك، كحال التشاور مع صندوق النقد الدولي. فهو وفريقه المؤلف من نائبه سعادة الشامي والنائب نقولا نحاس والخبير سمير الضاهر، يقود التفاوض في الغرف المغلقة، حاجبا أي معلومة، ومتمسكا بالسرية. والأهم أنه يتقصّد إبقاء رئاسة الجمهورية في منأى عن التفاوض ومخرجاته، مخالفا بذلك البيان الصريح الصادر عن حكومته في 29 أيلول الفائت، وفيه حرفيا: «أطلع رئيس الجمهورية مجلس الوزراء، انه بالاتفاق مع رئيس الحكومة، فوّض بموجب المادة 52 من الدستور، لجنة للتفاوض مع صندوق النقد الدولي برئاسة نائب رئيس مجلس الوزراء وعضوية وزيري المالية والاقتصاد والتجارة وحاكم مصرف لبنان رياض سلامة وخبيرين يمثلان رئاسة الجمهورية».

 

الأولوية لإحياء المؤسسة الإجرائية لا لتعميق تعطيلها والإيغال في مصادرة دورها مجتمعة

 

فممثل رئيس الجمهورية شارك إلى الآن في اجتماع واحد للجنة التفاوض، فيما لم يُدعَ الى اجتماعاتها الأخرى، وآخرها الخميس. كما أن تركيبة اللجنة ضمّت من خارج قرار مجلس الوزراء خبيرا إقتصاديا، والأخطر نائبا، بما يشكّل مخالفة قانونية ودستورية لوجود انتهاك فادح وفاضح لمبدأ فصل السلطات. إذ كيف لنائب، هو جزء من السلطة التشريعية، أن يشارك السلطة التنفيذية في أمر إجرائي، وأن يحاسبها في البرلمان؟

 

تضاف الى ذلك، 3 مفارقات:

 

أ-آلية العمل التي يعتمدها نائب رئيس الحكومة وفريقه والتي تثير الكثير من التساؤلات.

 

ب-الصلة الملتبسة (الوظيفية!) التي تربط وزير المال يوسف خليل برئيسه السابق حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، ومدى انعكاسها لا بل إئتلافها مع الحوكمة الرشيدة في معالجة الملف المالي.

 

ج-الاستبسال الحكومي المستغرب في طمس حقيقة وجود فجوة مالية موثّقة في حسابات مصرف لبنان تتراوح بين 58 و62 مليار دولار.

 

وسبق لصندوق النقد ان استبعد المسؤول عن الملفّ اللبناني إستجابة لطلب رئاسة الحكومة، لجملة اعتبارات منها أسلوبه الحازم في الحض على توحيد الأرقام قبل مطالبة الصندوق بإبداء أي موقف أو تعليق، تفاديا لتكرار التجربة زمن حكومة دياب.

 

وكان من المفترض أن يوقّع لبنان مذكرة تفاهم MoU مع الصندوق في 20 كانون الأول، غير أن التعثّر الحاصل لبنانيا فرض الإرجاء أسابيع عدة.

 

2- كما يجّنب التعطيل الحكومي رئيس الوزراء حراجة طرح ما لا يرغب أو يتجنّب طرحه في مجلس الوزراء، كمثل سلة التعيينات الإدارية والأمنية والديبلوماسية والقضائية المفترضة، وخصوصا في حاكمية مصرف لبنان. ولا يخفى أن ثمة مرشحا متقدما لخلافة سلامة متى نضجت ظروف تغييره.

 

3-لكل ذلك، أقر الرأي عند ميقاتي وفريقه أن يلجأ الى الموافقات الإستثنائية أو ما يعرف، مستعادا من لغة الحرب والمعابر، بالمراسيم الجوّالة. تلك الموافقات إعتمُدت في حكومة حسان دياب بغية تلافي الشلل الذي تسبب به رفضه الدعوة الى مجلس الوزراء. لكن درب الإستثناءات قد لا يعود سالكا- رئاسيا- بعد اليوم، فالأولوية لإحياء المؤسسة الإجرائية لا لتعميق تعطيلها والإيغال في مصادرة دورها مجتمعة.

 

في الموازاة، لم تفلح بعد الجهود الرامية الى أن يدعو رئيس المجلس النيابي نبيه بري الى جلسة عامة تُخصّص للتصويت على إنشاء لجنة تحقيق نيابية في تفجير المرفأ ومن ثمّ إحالة قضية النواب والوزراء المشتبه بهم عدليا الى المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء. ذلك انه يشترط للدعوة أن يشارك تكتل لبنان القوي وأن يصوّت إيجابا على الإحالة، إلى جانب اشتراطات أخرى سياسية وربما إنتخابية، وهو ما لم يتحقق بعد لجملة إعتبارات، أبسطها أن من غير الممكن لأي من الكتل النيابية الالتزام مسبقا بالتصويت على قرار إنشاء لجنة التحقيق، موافقة او رفضا، فيما رئاسة المجلس لم تزوّدها حتى اليوم بالملف الخاص بطلب الإتهام وفقا لأحكام المادة 20 من قانون أصول المحاكمات أمام المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء.