يبدو أن التعثّر على خط تشكيل الحكومة العتيدة، بدأ يظهر الى العلن، ولو أن المواقف والتصريحات من قبل فريقي رئيس الجمهورية والرئيس المكلّف، لا تزال تدور في إطار من المراوحة والضبابية، من دون تسجيل أية خطوات دراماتيكية في مسيرة تأليف الحكومة على غرار السرعة القياسية التي طبعت عملية التكليف، والإتفاق السياسي على شخص الرئيس نجيب ميقاتي لتولّي المهمة الشاقة المتمثّلة بإيجاد تقاطع بين الرئيسين عون وميقاتي حول كيفية تكوين السلطة التنفيذية، بمعزل عن كل الحسابات السياسية لدى كل فريق.
وقد زاد امتناع الرئيس المكلّف عن التصريح بعد اجتماع الأمس في قصر بعبدا، من حجم التساؤلات والشكوك حول العِقَد التي يبدو أنها عادت إلى الظهور، كما يؤكد مصدر نيابي مطّلع، ومن أبرز هذه العقد توزيع الحقائب السيادية، وبشكل خاص «المال» و»العدل» و»الداخلية»، إضافة إلى المداورة التي عادت إلى واجهة البحث الحكومي، بعدما تحدّث عنها بالأمس رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل، والذي بدا من خلال المواقف التي أطلقها حول تشكيل الحكومة، بأن فريقه لا يزال على موقفه من هذا الإستحقاق، وبالتالي، قد تكون الأمور قد عادت إلى نقطة البداية على صعيد الموقف من التشكيلة الحكومية، وذلك، بصرف النظر عن تغيير الرئيس المكلّف.
ويقول المصدر النيابي نفسه، أن العقدة التي برزت مع بدء النقاش في توزيع الوزارات على الطوائف، أعادت مجدّداً التجاذبات التي سُجّلت على مدى تسعة أشهر بين الرئيس عون والحريري، الأمر الذي ينذر بالإطاحة بكل ما تردّد عن إيجابيات بعد تكليف ميقاتي تأليف الحكومة، وعلى الرغم من أن هذه العقبات هي محلية مئة في المئة نتيجة ارتباطها بإصرار رئيس الجمهورية على الحصول على حقيبتي الداخلية والعدل الى جانب وزارات سيادية أخرى، فإن المصدر نفسه، لم يغفل الإشارة إلى عقبة خارجية متمثّلة بغياب الموقف الخليجي، وبشكل خاص السعودي، من مسألتي اعتذار الحريري وتكليف ميقاتي.
وأوضح المصدر النيابي ذاته، أن الموقف السعودي الذي تدرّج من التحفّظ على عملية تكليف ميقاتي إلى الرفض في المرحلة الراهنة، بات يشكّل عقدة إضافية، تؤخّر عملية التأليف، إلى جانب العقدتين الأبرز وهما «الداخلية» و»العدل». وبالتالي، فإن هذه العقدة لن تزول سواء نجح الرئيس المكلّف بتشكيل الحكومة أم لم يشكّلها، ذلك أن المهمة الأساسية بعد ولادة الحكومة ستقتصر على الحصول على المساعدات من الدول المانحة، أي باختصار من المملكة العربية السعودية، وفي حال استمرّ الموقف الرافض من قبلها لحكومة ميقاتي، فإن هذا الأمر يعني صعوبة، إن لم يكن استحالة في الحصول على المساعدات المالية لإعادة استنهاض البلد، كذلك، في حال لم يتم تأليف الحكومة، فإن حجم العِقَد سيتضاعف على الساحة الداخلية، وفق ما سبق وأن ورد في الموقف الأميركي بالأمس، والذي تحدّث عن «الآتي الأعظم» جراء الفوضى والإنفجار الإجتماعي.
وبرأي المصدر النيابي، فإن تسمية ميقاتي شكّلت خطوة في المجهول من قبل رؤساء الحكومات السابقين، كما من الثنائي الشيعي، وهو ما أشار إليه باسيل في إطلالته التلفزيونية عندما تمنّى أن لا يحترق الرئيس المكلّف ويتعثّر في مهمته الحكومية.