كنا نظن أنّ «أبا علي» شغلة كبيرة فتبيّـن أنّ «أبا علي طلع زلمي». وهنا نقصد بأبي علي دولة الرئيس نجيب ميقاتي «أبو ماهر».
بعد 13 شهراً كاملة أو أكثر من الانتظار والعذاب والتدهور الاقتصادي والمالي، وبعد الاعذار السخيفة التي كان يختبئ فخامة الرئيس وراءها برفضه كل ما عرضه عليه دولة الرئيس سعد الحريري من لوائح لحكومات مختلفة، ظلّ يتمسّك بجملتين: «هذه الحكومة ليست دستورية وليست ميثاقية»، والسبب الحقيقي أنّ الصهر العزيز غير موجود في أية تشكيلة، وكما يردّد فخامته منذ زمن بعيد: «لعيون صهر الجنرال لا تتشكل حكومة».
كما هو معلوم، فإنّ حكومة الميقاتي تشكلت في العاشر من أيلول الماضي حيث أعلن الأمين العام لمجلس الوزراء محمود مكية مراسيم تشكيل حكومة الميقاتي.
وأعرب دولة الرئيس ميقاتي عن أمله بإيقاف الانهيار في لبنان، والقدرة على النهوض بالحكومة لتأمين الحد الأدنى من احتياجات الشعب اللبناني، وأمل أن تكون تلك الحكومة خلية ستقوم بحل المشاكل الاقتصادية والمالية حيث ضمّت نخبة من الوزراء المميزين المشهود لهم بالنجاح مثل وزير الخارجية ووزير المال ووزير الطاقة ووزير البيئة ووزير الاقتصاد.
والأهم من موضوع التشكيل انه كان هناك أمل في أن تتحاور هذه الحكومة مع البنك الدولي وتبحث الوضع السيئ في لبنان، وتضع أمامه خطة إنقاذية.
وحتى بعد إحراز الثقة في مجلس النواب لم تتمكن حكومة الميقاتي إلاّ من عقد ثلاث جلسات:
الأولى في 29 أيلول.
الثانية في 6 تشرين الأول.
الثالثة في 12 تشرين الثاني.
وفي الثالثة حدث خلاف حين رفع فخامته صوته عالياً فما كان من الوزير علي حمية إلاّ الاعتراض رافضاً هذه الطريقة في التعاطي مع الوزراء… وهكذا فَرَطَت الجلسة وفرط انعقاد أي جلسة من بعدها.
عفواً، نسينا أن نذكر بأنه سمح لدولة رئيس الحكومة الميقاتي تشكيل الحكومة بعد أن تنازل ورضخ لكل مطالب الصهر بدءًا بالثلث المعطل الى اختيار وزراء تابعين لـ«التيار»، ضارباً بالحائط جميع المسيحيين باستثناء الوزير سليمان فرنجية.
على كل حال، ما رفضه الرئيس الحريري خلال سنة، قَبِل به ميقاتي بكل طيبة خاطر مع ابتسامة جميلة، تعبّر عن ذكاء دولته الحادّ.
قبل تدوير الزوايا، وبعد تدوير الزوايا لا بد من التوقف عند الوعود التي لم تتحقق حتى في حدّها الأدنى:
أولاً: كان سعر الدولار 20 ألف ليرة وفي بعض الأحيان كانت تأتي أخبار أنّ موعد تشكيل حكومة الرئيس الحريري أصبح وشيكاً فيتدحرج الدولار الى 13 ألف ليرة… المهم أنه وبهمّة دولة الرئيس ميقاتي وصل الدولار الى 29 ألف ليرة.
ثانياً: قبل تسلمه الحكم كانت تغذية الكهرباء تقدّر بـ6 ساعات يومياً وبفضله انخفضت التغذية الى ساعتين.
ثالثاً: ارتفعت جميع أسعار المواد الغذائية والأدوية والمحروقات بشكل «جنوني».
رابعاً: خطر توقف الانترنت… بات يخيّم على لبنان.
خامساً: عودة «الكورونا» ولكن بشكل أكثر خطورة وأكثر فتكاً، عبر المتحوّل «أوميكرون».. يا جماعة الدنيا وجوه وأعتاب.
سادساً: انقطاع عدد كبير من الأدوية بشكل متكرّر.. ما هدّد حياة الكثيرين من المرضى.
سابعاً: فضيحة الوزير جورج قرداحي، الذي طولب بالاستقالة، على أمل عودة العلاقات مع المملكة العربية السعودية.
ثامناً: فضيحة الوزير المخضرم وسفير لبنان في واشنطن سابقاً ولعدة سنوات وزير الخارجية السفير عبدالله بو حبيب من خلال تصريحه الخطير بأنّ هناك في المملكة سوقاً مهماً للمخدرات وهي مطلوبة… بالله عليكم هل يمكن لوزير خارجية بمواصفات الوزير عبدالله بو حبيب أن يتحدّث هكذا كلام وبهذه الطريقة؟
تاسعاً: فضيحة مؤتمر الوفاق البحرانية وكأنّ لبنان تنقصه إثارة مشكلة جديدة مع دولة عربية بموضوع لا يستفيد منه لبنان، ولا حتى كما يقولون «بِنِكلي» فلماذا هذا المؤتمر، ولو كان الحزب العظيم يحب لبنان لما سمح بهكذا مؤتمر، خصوصاً وأنّ انعقاده كان في مربّعه الأمني.
أما بالنسبة للزيارة الوطنية الدينية التي قام بها دولته مع 29 فرداً من عائلة «البربون» الى قداسة البابا في الڤاتيكان فهذه كانت فقط لأنه يريد أن يعرف القاصي والداني أنه مثل شهيد لبنان الكبير الرئيس رفيق الحريري يستطيع أن يذهب الى الڤاتيكان ويأخذ صوَراً مع قداسة البابا.