Site icon IMLebanon

إعلان ميقاتي تفعيل الحكومة خلّبي أم عاجلته «أمل» بتثبيت التعطيل؟

 

التفاوض النووي أحد أوجه التعثر اللبناني والعبرة مع نهاية كانون الثاني

 

لم يأتِ وصف الخلّبي من عبث. ذلك أن أي إجراء لم يسجّل ويُظهر رئيس الحكومة نجيب ميقاتي جاداً في الدعوة الى عقد جلسة للحكومة مخصصة، كما وعد في لقاء بعبدا، لمناقشة مشروع قانون موازنة سنة 2022. الـ«فور استلام الموازنة» التي إستخدمها ميقاتي كإطار زمني للدعوة الى إجتماع الحكومة، عطّلتها على الأرجح مبادرة حركة «أمل» الى نسف إيجابية ميقاتي، وهي مفارقة ما بعدها مفارقة. فهل من عاقل يصدّق أن بشرى رئيس الحكومة من بعبدا بإعادة الحياة إليها أتت من دون تنسيق مسبق تحديداً مع رئيس مجلس النواب نبيه بري؟

 

هذه المشهدية المتناقضة أعادت الى الأذهان مسرحية عين التينة قبل أسبوعين ونيف، حين خرج ميقاتي من لقائه ببري عابساً متجهّماً متمتماً الغضب بذاته، ناعياً الإتفاق الذي حيك مكتوباً على ورق وبتوقيع كل المعنيين لإعادة إحياء حكومته، ليتبيّن بعدها أن السيناريو المعدّ بإتقان كان له هدف واحد: تواطؤ مشترك على استمرار تعطيل الحكومة، وإن لكلٍّ غاية ومأرب ومرمى.

 

المهم راهنا، في ضوء صدور مرسوم فتح عقد استثنائي مشروط بالبرنامج، وهو تطبيق حرفي للمادة 33 من الدستور يكاد يكون سابقة على مستوى العمل الرئاسي، أن رئيس الحكومة أمام تحدي تنفيذ وعده بالدعوة الى جلسة لمجلس الوزراء تقر مشروع قانون الموازنة وتحيله الى مجلس النواب ليتحقق للهيئة العامة الإنعقاد في سياق العقد الإستثنائي المشروط، على أن يواجه بعدها التحدي الأصعب والأكثر تعقيدا المتمثل في تثبيت حقيقة إعادة الحياة الى حكومته الوليدة والتي لم يصر لها الإجتماع سوى مرات ثلاث إنتهت بالمداخلة – المطوَّلة الخارجة عن الأصول التي أدلى بها وزير الثقافة محمد مرتضى والتي دفعت رئيس الجمهورية الى رفع الجلسة.

 

لا يخفى أن ثمة من يخشى أن يكون خلّبياً الإعلان الميقاتي عن عودة الحياة إلى شرايين الحكومة المعطّلة بقرار الثنائي الشيعي وبإرادة رئيسها نفسه

لكن مجريات الأمور، أقلّه حتى الآن، لا توحي بأن ثمة عملا جديا ودؤوبا لتحرير الحكومة، بدليل أن رئيسها لا يزال يسعى الى تمرير الموافقات الإستثنائية بديلا عن القرارات الصادرة عن حكومة حيّة. وهذا التصرّف غير المشجّع الذي يرفضه رئيس الجمهورية، ينطوي على رغبة دفينة في استغلال مزدوج للتعطيل الحكومي حتى الرمق الأخير.

 

غير أن الأيام الأخيرة أظهرت كذلك وجها آخر للتعطيل ومسبباته، مرتبطا باشتداد الكباش الضروس، وبتبادل الاتهامات والحملات بين حزب الله وخصومه من أهل الخليج. لذلك ثمة من لا يستبعد أن يكون الحزب يتقصّد مزيدا من التشدد والعناد في سياق خلط الأوراق الحاصل في الإقليم لا سيما على مستوى العلاقة بين المملكة العربية السعودية وإيران الماضية في حوارات فيينا. وللحوارين الإيراني مع كل من المملكة والولايات المتحدة الأميركية، لا شك، إرهاصات لبنانية يمثّلها تحديدا حزب الله، مع تسجيل مفارقة لافتة. ففي موازاة الهجوم غير المسبوق من الأمين العام للحزب السيد حسن نصرالله على العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز والذي قد يكون الوجه الآخر لاستمرار التعطيل الحكومي، كان وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان، يؤكد إستعداد بلاده «في أي وقت» لإعادة العلاقات مع السعودية التي تخوض معها محادثات «بناءة»، مشددا على أن «حوارنا مع السعودية إيجابي وبناء ومستعدون لإعادة العلاقات في أي وقت».

 

يعزز هذا التناقض بين تصعيد الحزب والمداهنة الإيرانية الإنطباع بوجود توزيع أدوار متكامل وتكافل إستثنائي في هذه المرحلة، يرتضي فيها الحزب دور المتشدد الأقصى من بين أذرع المحور وصاحب الدور الأساس في اليمن، مربط فرس أي حوار وكل حوار، في انتظار تبلور صورة التفاوض النووي في فيينا، علما أن هذا التبلور لم يعد يحتمل السياق الزمني المفتوح.

 

في المعلومات أن رئيس الوفد الأميركي المفاوض مع إيران المبعوث الرئاسي روبرت مالي حدد لنظرائه الإيرانيين مهلة تنتهي مع نهاية كانون الثاني لتحقيق الإختراق المطلوب تحت طائلة تعليق مجمل المسار.

 

ويتزامن إصرار واشنطن على تأطير زمني للحوار مع ليونة إسرائيلية لافتة حيال التفاوض النووي لم تكن متوفرة سابقا. وبما أن إدارة الرئيس جو بايدن لن تقبل بأي إتفاق أو تدبير يحرج حليفها رئيس الحكومة الإسرائيلية نفتالي بينيت أو يضعفه أمام خصمه بنيامين نتنياهو، بالإمكان إستخلاص أن المفاوضات تسلك منحى إيجابيا، وإن تحت ضغط العامل الزمني والإصرار الإيراني على المضي في التخصيب.