IMLebanon

الأميركي سعى لفتح قنوات تواصل مع «حزب الله» والأخير رفض

 

«الثنائي الشيعي» يجزم أن عودته إلى الحكومة غير مرتبطة بأي صفقة أو تسوية

 

 

ما إن أصدر «الثنائي الشيعي» بياناً أعلن فيه العودة إلى حضور جلسات مجلس الوزراء حتى عجّت مواقع التواصل الاجتماعي، وأطلقت المواقف والتحليلات والاجتهادات من كل حدب وصوب حول الأسباب الكامنة وراء هذا القرار الذي أعلن بعد ثلاثة أشهر ويومين من بدء سريان مقاطعة أعمال مجلس الوزراء، فمنهم من ذهب في اتجاه الربط بين العودة والانباء التي تحدثت عن تقدّم جوهري في عملية المفاوضات في فيينا حول الملف النووي الايراني، ومنهم من اعتبر ان هذه العودة جاءت نتيجة طلب من ايران على خلفية وصول المفاوضات السرية مع المملكة العربية السعودية الى حد البدء بإعادة فتح السفارات بين البلدين، والبعض الآخر، رأى ان العودة عن قرار المقاطعة جاء نتيجة الضغوط التي بدأت تمارس من رئيس الجمهورية، واتساع رقعة الخلاف بين «الثنائي» والتيار الوطني الحر.

 

مصادر في «الثنائي الشيعي» رفضت رفضاً قاطعاً أن يكون لأي من المعلومات التي ذكرت أي علاقة بالقرار الذي اتخذ على مستوى القيادتين في «أمل» و«حزب الله» والذي جاء بعد دراسة معمقة للواقع الذي تعيشه البلاد، كما انه جاء بعد استنفاد كل الوسائل الدستورية والقانونية والقضائية والاعتراضية، على مسار عمل القاضي طارق بيطار في ما خص تحقيقات انفجار المرفأ، وكذلك جاء القرار بعد سقوط الرهان على تدخل رجالات ذات صلاحيات دستورية كان من الممكن ان تضع حدوداً للتجاوز الصارخ للصلاحيات الدستورية، وبعد الضغط الكبير على مستوى القضايا الاجتماعية والمطلبية والنقابية والاقتصادية، وجنون سعر صرف الدولار أمام الانهيار الكبير على مستوى الليرة اللبنانية.

 

أربعة أشهر متبقية من عمر الحكومة لن يجعلوها قادرة على انتشال «الزير من البير»

 

أضافت المصادر: أمام كل ذلك، ولأن «الثنائي الشيعي» من الناس ويعيش همومهم ولتجنب تحميله وزر ما وصلت إليه الأمور على المستوى المعيشي والاقتصادي كان لا بدّ من أخذ القرار بخلفية المسؤولية الوطنية والاهتمام بأمور النّاس.

 

وعما إذا كان قرار العودة سيبقِىِ مرتبطاً بمناقشة مشروع قانون الموازنة، وخطة التعاون الاقتصادي، أكدت هذه المصادر ان هذا الأمر كان عنوان العودة، لكن مع قابل الأيام فإن حضور الجلسات ربما يستمر كون ان الموضوع القضائي أصبح منفصلاً عن عمل مجلس الوزراء، لا سيما وأن هناك استحقاقات مهمة توجب انعقاد مجلس الوزراء لمقاربتها. وعما إذا كانت التعيينات تأتي في صلب هذه الاستحقاقات، تسارع المصادر الى نفي ذلك بالقول ان أمر التعيينات مستبعد عن الطاولة في الوقت الراهن كون انه مشروع كباش، طالما لا يوجد توافق على هذه التعيينات من الآليات إلى آخر السطر، ولذلك هناك توجه بتجنب ذلك للإبقاء على أجواء الهدوء في مجلس الوزراء.

 

وتؤكد المصادر ان قرار مقاطعة أعمال مجلس الوزراء لم يكن السبب الرئيسي في تعطيل عمل الحكومة، فالقرار اتخذ فقط بعدم الحضور، لكن رئيس الحكومة لم يدعُ إلى عقد جلسات لأسباب خاصة فيه، وكان بإمكانه الدعوة من دون حضور وزراء «أمل» و«حزب الله» ولذلك من المؤسف تحميل وزراء «الثنائي» مسؤولية التعطيل وغض النظر عن أسباب أخرى وجوهرية.

 

وفي معرض تأكيدها بأن قرار العودة لم يكن مرتبطاً بأي تسوية أو صفقة وانطلق من مصلحة النّاس، تكشف المصادر عن كلام قاله رئيس المجلس التنفيذي في «حزب الله» السيّد هاشم صفي الدين في جلسة خاصة أن الأميركيين حاولوا في الآونة الاخيرة، فتح قنوات تواصل مع «حزب الله» عبر أحد الوسطاء، غير ان الحزب رفض هذا الطلب رفضاً قاطعاً وحاسماً، مشددة أي مصادر «الثنائي» على أنه لو كان قصد الموقف الذي اتخذ بخصوص مقاطعة جلسات مجلس الوزراء تحقيق مكاسب خاصة، لكان الحزب استغل هذه الرغبة الأميركية في فتح قناة الاتصال معه لصالحه ولكان عزّز مواقعه في أكثر من ملف واستحقاق..

 

 

في موازاة ذلك رأت مصادر سياسية عليمة أن ما تبقَّى من عمر الحكومة المقدر بأربعة أشهر لن يكون كافياً لكي «ينتشل الزير من البئر»، وأن عودة «الثنائي الشيعي» لحضور جلسات الحكومة لا يعني ان المشاكل الموجودة ستكون في طريقها للحل، لأن هذه المشاكل تتأتَّى من قرار المقاطعة.

 

وتؤكد المصادر أن الحكومة لا تملك العصا السحرية التي تجعلها قادرة على إزاحة كل الأزمات الموجودة من دربها، لأن هذه الازمات متجذرة ومرتبطة بعوامل عدّة، وأي كلام عن توقع إنجازات كبيرة ستتحقق في غضون العمر القصير المتبقي للحكومة من الآن إلى حين ولوج الانتخابات النيابية هو كلام مبالغ فيه، فصحيح ان طريقها باتت سالكة بعد اكتمال عقدها بعودة «الثنائي الشيعي» إلى أحضانها، بحيث سيكون في مقدورها الاجتماع، غير ان هذه الحكومة أمامها استحقاقات كبيرة ومعقدة، لكن الخطوة الأولى التي عليها القيام بها هي لاتخاذ إجراءات جديدة وصارمة لاحتواء سوق الصرف وكبح تصاعد نجم الدولار على حساب الليرة، وهذا يأتي عن طريق إغلاق الغرف السوداء المعروفة في تلاعبها بأسعار العملة، إلى جانب المضاربين المعروفين بالاسماء، وهذه الخطوة على الحكومة القيام بها قبل أي عمل آخر، بحيث تتواكب الانفراجات التي ستحصل نتيجة أي إجراء يُعزّز سعر صرف الليرة، مع مناقشة مشروع الموازنة، الذي على ما يبدو سيتضمن بنوداً ستكون قاسية على المواطنين في ظل هذه الظروف، لكن الحكومة مجبرة على اتخاذها نتيجة الضغوط التي تمارس من المجتمع الدولي وصندوق النقد من باب الولوج في الاصلاحات قبل تقديم أي مساعدات.