IMLebanon

للأغبياء فقط

 

 

توجهت بعثة الاتحاد الأوروبي إلى «حكومة لبنان وجهات صنع القرار الأخرى» بضرورة استعادة زمام المبادرة «من دون مزيد من التأخير».

 

ربما لم يكن ليتغير المعنى، لو أن البعثة اكتفت بإدراج «جهات صنع القرار الأخرى» وحذف «حكومة لبنان» التي لا تملك مقومات المبادرة والقرار. لكن ومن باب الدبلوماسية ولياقات التخاطب، لم تسقط البعثة من بيانها ما كان يمكن حذفه.

 

فالمجتمع الدولي يعرف أن السلطة الفعلية ليست بيد هذه الحكومة ورئيسها نجيب ميقاتي المصر على أن لا أحد يمكن أن ينتقص من صلاحياته.

 

ويعرف أن صلاحياته هذه لم تمكِّنه من دعوة مجلس الوزراء إلى الإنعقاد، بعدما ضرب وزير الثقافة يده على الطاولة محدداً جدول أعمال خاصاً بمتطلبات الثنائي الشيعي، وإلا لا جلسة.. وهكذا كان.. والدليل أنه وبعد انقطاع دام ثلاثة أشهر تعود الحكومة الى الاجتماع بموجب شروط الجهات التي تكرمت وأعلنت فيها عن فك أسر مجلس الوزراء اللبناني.

 

أما أسباب هذه المكرمة كما وردت في بيان الثنائي الشيعي فهي بالتأكيد مخصصة للأغبياء فقط.

 

فقد وضعت «الجهات الأخرى» جدول أعمال الجلسات، وميقاتي إلتزم بها.. وإن اعتبر ان هذا الإلتزام لا ينتقص من صلاحياته.

 

وفي حاشية العودة، بند سري تتظهر مفاعيله بمزيد من الضغط لعرقلة قاضي التحقيق في جريمة تفجير مرفأ بيروت طارق البيطار.

 

حتى أن رئيس الجمهورية ميشال عون الذي وقع مرسوم الدورة الإستثنائية لمجلس النواب محاولاً فرض شروطه، يقف مكتوف الأيدي حيال «الجهات الأخرى» الأصلية، ويكتفي بتوصيف شلّ السلطة التنفيذية، بأنه كان «تعطيلاً قسرياً»، من دون تسميات مباشرة.

 

فالتسمية يمكن أن تؤثر على فرص الوريث والصهر في العودة إلى المجلس النيابي بكتلة تناسب طموحه.

 

والمناداة الباسيلية بحقوق المسيحيين، وترجمتها بقدرتهم على إختيار ممثليهم في مجلس النواب، هي أيضاً للأغبياء فقط، وكذلك هذا الإستشراس في الهجوم على أحد طرفيّ الثنائي والعتب على الطرف الآخر الأقوى من دون كسر جرة التفاهم.

 

وقبل أن يذوب الثلج بدأ غيث المساكنات القسرية والتنازلات وطلب الود للحصول على أصوات الشيعة، التي تتحكم بفوز ممثلي الشعب المسيحي، إن في المتن الجنوبي أو في جزين أو حيثما توفرت هذه الأصوات.. وإلا باي باي لكتلة نيابية وازنة.

 

وربما لمعرفته بمنسوب القرف الشعبي من الصهر، لم يتورع عون عن «لطش» الأدوار التي تقوم بها «جهات أخرى جانبية» تصر على دعم كل ما لا علاقة له بالمنظومة، ويتهمها بأنها «تجاوزت واجب التنسيق مع مؤسسات الدولة وتعاطت مباشرة مع جمعيات ومجموعات بعضها نبتت كالفطر بعد انفجار المرفأ وتعمل على إستثمار الدّعم المادي والإنساني لأهداف سياسية وتحت شعارات ملتبسة، خصوصاً أنّ لبنان على أبواب انتخابات نيابيّة».

 

أغفل عون أن مؤسسات الدولة تبعث على البكاء. الموازنة التي وعد ميقاتي بتسليمها «في تشرين الثاني الماضي تأخرت بسبب عطل طرأ على كمبيوتر وزارة المالية استغرق اصلاحه أسابيع، ناهيك عن اوضاع الكورونا».

 

الأسابيع هي حوالى شهرين، ما يعني أن مؤسسات الدولة دخلت موسوعة «غينيس» في العجز عن إصلاح عطل تقني.

 

وما يعني أن التصريحات الحكومية والوزارية وإعلان الإنجازات التي ينشط سوقها في هذه الأيام، لا تتجاوز وظيفتها الإيحاء بوجود شبه دولة تديرها منظومة من الفاشلين، وتعتمد على الأغبياء فقط لتعيد تعويم نفسها بمصادرة مسبقة لنتائج الإنتخابات.