IMLebanon

ميقاتي المطوّق بنادي الرؤساء: “لا شيء معي إلا كلمات”

 

خلال اطلالته المتلفزة امس الاول قال الرئيس المكلف: “أنا نجيب ميقاتي ولست سعد الحريري، ولدَيّ ادائي وصورتي وتاريخي وهذه العوامل هي التي تقرر خطواتي المستقبلية”. ومثل هذا الكلام يصبح مثار تشكيك بالنظر الى خلفيات تكليفه والجهة التي اسندت المهمة اليه استباقاً لاي استشارات نيابية ليست الا عملية شكلية تطبيقاً للدستور، اما واقع الحال فالرئيس ميقاتي يحاكي في مشاوراته الحكومية جهتين عليه مراعاتهما، رئيس الجمهورية بوصفه الشريك الدستوري في تشكيل الحكومة ورؤساء الحكومات السابقين بوصفهم المرجعية الطائفية التي اوكلته المهمة وجيّرت له لعب الدور بدل الوكيل الاصلي اي الرئيس سعد الحريري.

 

المطلوب من ميقاتي بمنطق الرؤساء السابقين ان يكمل من حيث انتهى الرئيس سعد الحريري في مواجهته مع عون وليس اقل منها. يتمسك بالداخلية والعدل وله ان يسمي منفرداً الوزراء السنة. لميقاتي ان يبدي مرونة في مفاصل معينة لكن ليس ان يتماهى مع عون ويفسر تعاطيه على انه تنازل.

 

بالنسبة لرؤساء الحكومات السابقين حذار التنازل لعون ولرئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل. سقف التأليف حدده هؤلاء وصعبوا على الرئيس المكلف مهمته، حتى صار مطوقاً بهم ومنهم قبل ان يكون مطوقاً من اي جهة اخرى.

 

واذا كان البعض يعتقد ان ميقاتي شخصية يصعب قولبتها وطالما انه ارتضى بالتكليف، فغايته ان يصبح رئيساً للحكومة وسيفعل ما يحقق تلك الغاية في اشارة الى انه وفي لحظة ما كان يشد على يد الرئيس الحريري ويدعوه للتمسك بمواقفه، كان يجس النبض تجاه تكليفه لكن اصحاب وجهة النظر تلك يستبعدون ان يعتذر ميقاتي بسهولة، لرغبته في ان يكون رئيساً للحكومة مهما برزت العراقيل في طريقه، قد يتأخر ولكنه سيشكل في نهاية المطاف.

 

لكن وجهة اخرى لمطلعين على اجواء رؤساء الحكومات السابقين تقود الى التسليم بصعوبة ان يتمكن ميقاتي من تجاوز خريطة الطريق الحكومية التي رشحه على اساسها رؤساء الحكومات، والتي بفضلها اعلنت دار الفتوى تسهيل مهمته او بمعنى آخر باركته ومنحته غطاء سنياً.

 

لا يمكن لميقاتي ان يتحرر من قيود نادي رؤساء الحكومات او تجاوزهم لاسباب عديدة من بينها عدم وجود وجهة سياسية ثانية قد يستظل تحتها، فتكليفه هذه المرة يأتي وهو على علاقة سيئة مع السوريين وليست افضل مع السعوديين بينما اعماله تحكمه في الامارات. وفي الاساس فان ميقاتي لم يخف رغبته منذ البداية الدخول مجدداً في نادي رؤساء الحكومات بالطرق التقليدية وليس بوارد الانقلاب عليهم، ولن يكون ذلك سهلاً عليه فاذا تجاوز شخصية الرئيس السابق تمام سلام الذي قلما يكون لرأيه صدى، فيحكمه رأي الرئيس فؤاد السنيورة الصلب والمتعنت تجاه عون وباسيل، بدليل ان تلاوته بيان ترشيح ميقاتي صدر من خلال بيان تولى السنيورة شخصياً اذاعته، بينما وقف الحريري في الخلف كما الآخرين وهذا ليس تفصيلاً في السياسة وقد أضر بالحريري كزعيم للسنة ورئيس تكتل نيابي، كما أضر بميقاتي تماماً كما زياراته رؤساء الحكومات عقب كل زيارة الى بعبدا او تواصله معه.

 

غاية القول ان ميقاتي ليس محرراً بمشاورات تشكيل حكومته، انما يحاصره تعنت عون واصراره على التمثيل المسيحي مهما طال أمد التأليف، ورؤساء الحكومات ممن يمنعون عليه التنازل بينما يحملون جرس الإنذار وبيدهم توقيت الاعتذار.

 

بخلاصة اجتماعات بعبدا بين عون وميقاتي فان الحصيلة “راوح مكانك” والعيون شاخصة باتجاه الاثنين، بعد ان حمل الخميس الماضي اول مؤشراته السلبية. واذا مش الاثنين، الخميس او اليوم الذي يسبقه أو يليه. بدأ الجدّ في عملية تشكيل الحكومة، انتهت المجاملات ودخلنا في بحث العراقيل التي، وعلى قلتها، لكنها تنذر بالخطر المحدق بتشكيل الحكومة. البداية كانت ولا تزال من حقيبة الداخلية وآخر المخارج الذي طرح بشأنها ان يتم الاتفاق بين رئيس الجمهورية العماد ميشال عون والرئيس المكلف على تسمية شخصية يختارها عون، لكن شرط ان تكون سنية. ذاك ان انتقال الداخلية الى عهدة عون وتسليمها لشخصية مسيحية يشكل من وجهة نظر السنة، بداية تنازلات يرفضها رؤساء الحكومات السابقون ويحذرون من الوقوع فيها.

 

لهؤلاء تبريرهم بأن الطائفة باتت تعاني من احباط اشبه بالاحباط الماروني سابقاً، بالنظر الى كون المطلوب الانقلاب على الطائف وفرض نظام رئاسي. لذلك لن يكون ميقاتي محرراً وهو ملزم بأحكام البيان الذي على اساسه اختاره رؤساء الحكومات السابقون، واذا كان ذلك غير طبيعي حسب احد المطلعين فان كل ما يحصل في ما يتعلق بتشكيل الحكومة ليس طبيعياً ونادي رؤساء الحكومات يعتبر ان وحدة موقفه يقوي حضوره ويعززه، ولذا فليس سهلاً على ميقاتي التفرد بقراراته الحكومية، بالمقابل لن يتراجع عون عن مطلبه ما يقلل من نسب التفاؤل، فعقب كل اجتماع يخرج ميقاتي لا شيء معه الا كلمات. يتمنى لو تقلب تاريخه وتجعله رئيساً واقعياً للحكومة في لحظات.