هل ستحمل الانتخابات النيابية معها «ترياق» العلاج لمعاناة اللبنانيين أم انها لن تعدو كونها فرصة ضائعة من جديد، شأنها شأن الفرص المهدورة سابقاً؟
لا أحد يملك مقاربة واضحة لمرحلة ما بعد الانتخابات في منتصف أيار المقبل. الكل مُنشغل بالتحضير لخوض هذا الاستحقاق والخروج منه بأفضل النتائج الممكنة، اما ماذا عن اليوم التالي وما بعده، فلا جواب شافياً وواضحاً عند أي طرف، وإن تكن انطباعات البعض او توقعاتهم تنحو في اتجاه تَرجيح أن تفرز صناديق الاقتراع مأزقاً جديداً بدل ان تكون مخرجاً من النفق الحالي.
تشكل الانتخابات النيابية عموماً إحدى الوسائل المعتمدة لمعالجة الأزمات المستعصية على الحل، أو لكسر أقفال المراوحة في المكان، وهذا ما يفسّر ان الدول التي تواجه استعصاء سياسياً او دستورياً غالبا ما تلجأ الى خيار الانتخابات المبكرة حتى تعيد خلط الأوراق وتفتح كوة في الجدار السميك.
لكن مثل هذه «الوصفة» لأمراض الانظمة السياسية لا تسري في معظم الأحيان على لبنان المحكوم بالديموقراطية التوافقية والتفاهمات الالزامية بمعزل عمّن يخسر في الانتخابات او يربح.
وبهذا المعنى، فإنّ تعقيدات التركيبة اللبنانية وتوازناتها تنزع من الرقم أنيابه في معظم الأحيان، فتروّضه وتعطل مفاعيله، بل تعوّض الخاسر ما فقده في صناديق الاقتراع، عبر تزويده بـ»إكسير» الميثاقية الذي يبقيه لاعباً ضمن تشكيلة صنع القرار ولو كان جزءا من الأقلية النيابية.
واستناداً الى هذه الخصوصية اللبنانية، تفقد العملية الانتخابية بشكل تلقائي الكثير من فعاليتها وقدرتها على اجتراح الحلول الجذرية، فكيف اذا تمخّض عنها مجلس نيابي مُتشَظّ ومكوّن من مجموعة جزر، اذا صحّت تقديرات البعض حيال ما سيؤول اليه استحقاق أيار.
من هنا، وربطاً بحصيلة التجارب المتراكمة التي أثبتت انّ النظام اللبناني متخصّص في إنتاج أزمات الحكم، فإنّ شخصية سياسية تشغل مركزاً رسمياً رجّحت امام زوارها ان يتعذر تشكيل حكومة جديدة بعد الانتهاء من الانتخابات النيابية، مشيرة الى ان الوقت الفاصل بين تاريخ انجاز الاستحقاق وبين انتخابات رئاسة الجمهورية في تشرين الأول المقبل قد لا يكون كافياً للتوافق على حكومة، خصوصا اذا أصبحت فسيفساء المجلس المرتقَب أكثر تعقيداً.
وتشير الشخصية إيّاها الى انّ هناك ضرورة في المقابل لوجود حكومة أصيلة، أولاً لمعالجة المشكلات الحادة التي تلاحق المواطن ولا يجوز الاكتفاء بتصريف الأعمال في مواجهتها، وثانياً لملء الفراغ الرئاسي من خلال مجلس وزراء مكتمل الصلاحيات في حال تعذّر التفاهم على اختيار رئيس الجمهورية بعد انتهاء ولاية العماد ميشال عون.
وتكشف ان لديها فكرة أولية تقضي بأن يتم بعد الانتخابات النيابية، إن تأكدت صعوبة تشكيل حكومة جديدة، إصدار مرسوم يُعيد تسمية او تعيين حكومة الرئيس نجيب ميقاتي بوزرائها الحاليين أنفسهم، حتى تستمر في مهمتها كأصيلة حتى موعد الاستحقاق الرئاسي، لافتة الى انها لم تبحث في هذا الطرح مع أحد بعد.