Site icon IMLebanon

جلسة الحكومة الأخيرة: “تهريبات” ورسوم غير شعبوية

 

 

مسألتان استحوذتا على تركيز راصدي أداء الناخبين غير المقيمين: الصوت السنيّ، والصوت «التغييريّ». كان لا بدّ من معرفة مدى تأثير الرئيس سعد الحريري على ناخبي أبناء طائفته لناحية دفعهم للعزوف عن صناديق الاقتراع، كما فعل هو، خصوصاً أنّه رفض الانقلاب على موقفه القاضي بالخروج من المشهدية الانتخابية، ودفع الناخبين باتجاه المشاركة في الاستحقاق. كذلك كان لا بدّ من قياس مزاج الرأي العام «التغييري» وما إذا كانت اللوائح الاعتراضية قد نجحت في جذب الناخبين رغم الفوضى التي طوّقت هذه اللوائح بفعل تعدديتها وخلافاتها.

 

يقول مسؤول ماكينة حزبية إنّ دلالات أولية بيّنت عدم حماسة المغتربين السنّة في التوجه إلى صناديق الاقتراع، وقد عكستها انتخابات يوم الجمعة لا سيما في المملكة السعودية حيث أظهرت صناديق دائرة بيروت الثانية نسبة إقبال ضعيفة، لا تعكس حالة التوقعات التي كانت سائدة قبل ساعات.

 

أما بالنسبة إلى الصوت «التغييري»، فيقول إنّ الماكينات الحزبية التي اشتغلت في الاغتراب ركّزت على الناخبين الذين يدورون في فلكها وعملت على التواصل معهم لتشجيعهم على المشاركة، وبالتالي لا إمكانية لرصد مبكر لحجم الأصوات «التغييرية» التي وضعت في صناديق الاقتراع، مع العلم أنّ عدم ارتفاع نسبة المشاركة على نحو كبير، مؤشر على عدم قدرة اللوائح «التغييرية» لدفع الناس إلى التوجه إلى صناديق الاقتراع.

 

في مطلق الأحوال، يبقى يوم 15 أيار هو المفصليّ في رسم توازنات البرلمان الجديد، في ظلّ عاملين مستجدين: رفض الحريري الدخول شريكاً في حلبة المنافسة الانتخابية بشكل قد يسمح لرئيس الحكومة السابق فؤاد السنيورة بتحقيق الفوز في دائرة بيروت الثانية، ومعه الانتصار السياسي، وهو أمر لا يهضمه رئيس «تيار المستقبل»، وكذلك يسمح لـ»القوات» بشدّ حواصلها في مناطق التماس مع البيئة السنية، الأمر الذي يرفض الحريري أيضاً تحقيقه، على قاعدة أنّه في حال مرّ غيابه عن الساحة اللبنانية مرور الكرام، فهذا يعني خروجاً نهائياً، وهي خلاصة يرفض الحريري تكريسها.

 

في هذه الأثناء، جلستان لمجلس الوزراء تفصلان عن موعد الإحالة إلى تصريف الأعمال مع انتهاء ولاية مجلس النواب في 25 أيار، حيث يفترض عقد جلسة قبل موعد فتح صناديق الاقتراع، وجلسة ثانية بعد الانتخابات وقبل انتهاء ولاية المجلس. اللافت أنّ الجلسة الأخيرة مرشحة أن تكون من أكثر الجلسات غير شعبوية، حيث حرص الوزراء المعنيون على ترحيل البنود المؤلمة شعبياً إلى الجلسة الأخيرة من عمر الحكومة بعد أن تكون صناديق الاقتراع قد قالت كلمتها ولم يعد سيف الاقتراع فوق رقاب القوى السياسية.

 

وفق المعنيين، فإنّ جدول أعمال الجلسة ما قبل الأخيرة يتّسم بالدسامة، إذ يتضمن 49 بنداً بينها دفتر شروط لإطلاق مزايدة تلزيم الخدمات البريدية والوثائق العائدة له، وذلك بعد سلسلة قرارات بالتمديد لشركة «ليبان بوست» لأكثر من عشرين عاماً. وقد تمّ تعديل دفتر الشروط على أساس الملاحظات التي سجّلها ديوان المحاسبة في التقرير الذي وضعه بهذا الشأن، ويُرجّح أن يطلب وزير الاتصالات جوني القرم من الحكومة السماح بإطلاق مزايدة في إدارة المناقصات والتمديد للمشغّل الحالي حتى نهاية العام، على اعتبار أنّ الوزير مقتنع أنّ الظروف المالية الحالية للدولة اللبنانية قد لا تشجّع على مشاركة أي مستثمر أجنبي في هذا القطاع، ولهذا سيترك المشغل الحالي حتى نهاية العام، على أمل تحسّن الوضع المالي.

 

وفق المعنيين، فإنّ دخول الحكومة مدار تصريف الأعمال لا يعفي إدارة المناقصات من إطلاق المزايدة في هذه الأثناء، إلّا أنّ التصديق عليها يحتاج إلى حكومة كاملة الصلاحيات أو إلى موافقة استثنائية في حال كانت الحكومة لا تزال مشلولة دستورياً.

 

إلا أنّ الجلسة الأخيرة لمجلس الوزراء قبل أن تدخل الحكومة مدار تصريف الأعمال، قد تكون الأكثر إشكالية وتعرّضاً لانتقادات اللبنانيين، لأنها من المرجح أن تتضمن سلسلة قرارات برفع الكثير من الرسوم، ومنها على سبيل المثال رسوم الاتصالات التي تمّ ترحيلها إلى الجلسة الأخيرة منعاً لإثارة نقمة الناس قبل فتح صناديق الاقتراع.

 

ويرجّح البعض أن تتضمن الجلسة تهريبات اللحظة الأخيرة من قرارات ذات مصالح فردية… فيما لا تزال التشكيلات الدبلوماسية عالقة بسبب رفض رئيس مجلس النواب نبيه بري منح رئيس «التيار الوطني الحر» جبران باسيل هذا الامتياز بحصوله على حصّة «الأسد» من هذه التعيينات، فيما رئيس الحكومة نجيب ميقاتي قرر مسايرة بري في هذا الخيار. إلا أنّ هناك من طرح سؤالاً بارزاً: هل من الممكن أن تكون هذه التشكيلات هدية ميقاتي إلى باسيل في الجلسة الأخيرة في حال أبرما اتفاقاً جديداً لإعادة تسميته رئيساً للحكومة؟