Site icon IMLebanon

الإنتخابات لا تتجه الى انقلاب في موازين القوى تحت قبّة البرلمان هل يعود ميقاتي أم يمتدّ تصريف الأعمال لنهاية العهد؟

 

 

المعطيات والاستطلاعات لا تؤشر الى ان الانتخابات النيابية ستؤدي الى انقلاب في موازين القوى تحت قبة البرلمان، وان كانت ستحدث تغييرا جزئيا بدخول محدود لقوى جديدة ترفع شعار «التغيير» بعد «ثورة 17 تشرين».

 

وتتطــــلع الاوساط المراقبة الى مرحلة ما بعد الانتخابات، وما ستحمله من تطورات ونتائج على الاوضاع السياسية والاقتصادية والمالية في البلاد. وتبرز في هذا المجال معركة الحكومة الجديدة التي ستتحمل مسؤولية مسيرة الخروج من الانهيار الكبير التي يتخبط فيه لبنان.

 

ووفقا للمواقف والاجواء التي تسبق هذه المرحلة، ترتبط معركة الحكومة بنتائج الانتخابات وما سيكون عليه حال المجلس النيابي الجديد. لذلك فان استبعاد حصول انقلاب في موازين القوى يعزز الاعتقاد بأن عملية تشكيل الحكومة الجديدة ستخضع للآلية نفسها التي اعتمدت في تأليف الحكومة الحالية.

 

وفي قراءة للمواقف المعلنة للقوى السياسية المتنافسة تبرز المعطيات التالية:

 

ـ تركز القوى المعارضة المنضوية تحت لواء «التغيير» على تكليف رئيس حكومة جديدة من خارج قوى السلطة على رأس فريق عمل لا يرتبط اعضاؤه بهذه القوى.

 

ـ تؤكد «القوات اللبنانية» مع حزب «الكتائب» وبعض الجماعات السياسية التي ترفع شعار «السيادة» ومنها الرئيس السنيورة المتحالف مع «القوات»، على عدم المشاركة في حكومة وحدة او توافق وطني، وتؤكد انها ستكون في المعارضة اذا لم تتمكن من الفوز بالاكثرية النيابية.

 

ـ يركز ثنائي «أمل» وحزب الله وقوى متحالفة معه على صيغة الحكومة الجامعة القادرة على النهوض بالبلاد في المرحلة المقبلة، وفي حال امتناع بعض القوى السياسية عن المشاركة في مثل هذه الحكومة يتجه الثنائي وحلفاؤه الى السعي لتشكيل حكومة تشبه حكومة الرئيس ميقاتي الحالية.

 

ـ ويشبه موقف «التيار الوطني الحر» موقف الثنائي الشيعي، لكن قيادته تحرص على عدم تظهير هذا الموقف قبل الانتخابات بانتظار معرفة نتائجها وما ستسفر عنه المعركة في 15 أيار.

 

ـ لا يبدو ان الحزب «التقدمي الاشتراكي»، رغم المواقف المتشددة التي تميّز خطابه الانتخابي وتحالفه مع «القوات» ، انه ذاهب الى معارضة فكرة الحكومة ذات المشاركة الواسعة، لكنه يميل ايضا الى التريث في حسم أمره بانتظار نتائج الانتخابات ومعرفة حجم الكتلة التي سيفوز بها.

 

وفي اعتقاد مصدر سياسي بارز، انه من السابق لاوانه حسم معركة الحكومة الجديدة، لكن هناك معطيات داخلية وخارجية تلعب دورها في هذه المعركة ويمكن ان تؤدي الى احداث تغيير في مواقف بعض القوى وفقا للحلول السياسية التي يمكن ان تتبلور في المرحلة المقبلة.

 

ويلفت الى ان هناك اجواء داخلية وبعض الاجواء الخارجية تعزز الاعتقاد بأن الرئيس نجيب ميقاتي هو المرشح الاوفر حظاً لتشكيل الحكومة الجديدة، وهذا ما برز بشكل عفوي على لسانه في يوم انتخابات المغتربين، عندما تحدث عن تعاون مع البرلمان الجديد لاستكمال ما بدأته حكومته على صعيد التفاوض مع صندوق النقد وانجاز خطة التعافي والملفات الاصلاحية.

 

وبرأي المصدر ان هناك عناصر ومعطبات ترجّح اعادة تكليف ميقاتي لتأليف الحكومة الجديدة ابرزها على الصعيد الداخلي:

 

1ـ عدم بروز شخصية سنيّة مقبولة تنافس ميقاتي على رئاسة الحكومة، في ظل غياب او انسحاب الرئيس سعد الحريري الذي يبدو ان فرصة عودته لهذا المنصب غير متوافرة في ظل الوقت الباقي من عهد الرئيس ميشال عون، وفي ضوء تراجع فرص دعمه من القوى المؤثرة في الخارج و»الفيتو» السعودي على شخصه.

 

2ـ العلاقة الجيدة التي تسود بين ميقاتي وعون، كما عبر رئيس الحكومة في حديث تلفزيوني مؤخراً. وبيد ان تجربة الحكومة الحالية لم تكن سيئة رغم التباينات التي حصلت بين الرجلين حول بعض الملفات، ومنها الموقف من حاكمية مصرف لبنان وقضية الملاحقات القضائية للمصارف وغيرها.

 

3ـ يميل ثنائي «امل» وحزب الله الى اعادة تسمية ميقاتي للمجيء بحكومة جديدة تكمل عمل الحكومة الحالية، مع تعديلات على تفاصيل خطة التعافي وبعض الملفات والمشاريع الحيوية المطروحة.

 

4ـ تفرض وطأة الازمة الكبيرة استكمال الخطوات والمعالجات من النقطة التي وصلت اليها في ظل الحكومة الحالية. ورغم ان الحكم استمرارية، فان بقاء ميقاتي على رأس الحكومة الجديدة يسهل اعادة الانطلاق بالحلول والمعالجات للازمة الاقتصادية والمالية والاجتماعية.

 

5ـ فشل الرهان على المجيء بمرشح سنّي قوي ينافس ميقاتي بعد الانتخابات النيابية، اذ ان دخول السنيورة على الخط بعد انسحاب الحريري غير موفق، كما ان محاولات ترشيح نواف سلام ستلقى النتيجة نفسها وفقا للاجواء السائدة.

 

اما على الصعيد الخارجي، فيبدو ان الظروف والمعطيات التي ادت الى تسمية ميقاتي لترؤس الحكومة الحالية ما زالت قائمة، خصوصا على صعيد الدعم الذي حظي به من فرنسا ومصر.

 

كما ان الادارة الاميركية التي سعت وتسعى الى المجيء بالسفير نواف سلام، ستواجه الواقع نفسه بعد الانتخابات، الا اذا تمكنت قوى المعارضة بالتعاون مع قوى «تغييرية» من الفوز بالاكثرية النيابية، وهذا الامر مستبعد بنسبة عالية.

 

ووفقا للمصدر السياسي، فان هذه المعطيات ترجح عودة ميقاتي لرئاسة الحكومة «بحلّة جديدة»، لكن هذا المسار ربما يصطدم بتفاصيل سياسية داخلية وخارجية قد تؤخر ولادة الحكومة الجديدة وتطيل فترة تصريف الاعمال، وفي مثل هذا الحال يتحول الاستحقاق الانتخابي الى محطة لبداية ازمة بدلا من ان يكون بداية حلّ كما يرجو ويتطلع اليه اللبنانيون.

 

ويُخشى ان تطول الازمة الحكومية الى ما بعد انتخاب رئيس الجمهورية الجديد في الخريف المقبل، لكن ثقل الازمة وتداعيات الانهيار تفرض استبعاد مثل هذا السيناريو الذي ستكون له نتائج مدمرة تفوق قدرة اللبنانيين على تحملها.